كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

وَمِنْ أَصْحَابِ أَحْمَدَ مَنْ اسْتَحَبَّهُ. وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ جَائِزٌ، وَلَيْسَ بِسُنَّةٍ رَاتِبَةٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْمَيِّت هَلْ يَجُوزُ نَقْلُهُ]
379 - 19 - سُئِلَ: عَنْ الْمَيِّتِ هَلْ يَجُوزُ نَقْلُهُ. أَمْ لَا؟ وَأَرْوَاحُ الْمَوْتَى هَلْ تَجْتَمِعُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ. أَمْ لَا؟ وَرُوحُ الْمَيِّتِ هَلْ تَنْزِلُ فِي الْقَبْرِ، أَمْ لَا؟ وَيَعْرِفُ الْمَيِّتُ مَنْ يَزُورُهُ، أَمْ لَا؟
أَجَابَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ. لَا يُنْبَشُ الْمَيِّتُ مِنْ قَبْرِهِ، إلَّا لِحَاجَةٍ. مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْمَدْفِنُ الْأَوَّلُ فِيهِ مَا يُؤْذِي الْمَيِّتَ، فَيُنْقَلُ إلَى غَيْرِهِ، كَمَا نَقَلَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ.
وَأَرْوَاحُ الْأَحْيَاءِ إذَا قُبِضَتْ تَجْتَمِعُ بِأَرْوَاحِ الْمَوْتَى، وَيَسْأَلُ الْمَوْتَى الْقَادِمَ عَلَيْهِمْ عَنْ حَالِ الْأَحْيَاءِ فَيَقُولُونَ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُونَ: فُلَانٌ تَزَوَّجَ. فُلَانٌ عَلَى حَالٍ حَسَنَةٍ. وَيَقُولُونَ: مَا فَعَلَ فُلَانٌ؟ فَيَقُولُ: أَلَمْ يَأْتِكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: لَا. ذُهِبَ بِهِ إلَى أُمِّهِ الْهَاوِيَةِ.
وَأَمَّا أَرْوَاحُ الْمَوْتَى فَتَجْتَمِعُ: الْأَعْلَى يَنْزِلُ إلَى الْأَدْنَى. وَالْأَدْنَى لَا يَصْعَدُ إلَى الْأَعْلَى. وَالرُّوحُ تُشْرِفُ عَلَى الْقَبْرِ، وَتُعَادُ إلَى اللَّحْدِ أَحْيَانًا. كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ الرَّجُلِ كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، إلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ، حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ» .
وَالْمَيِّتُ قَدْ يَعْرِفُ مَنْ يَزُورُهُ، وَلِهَذَا كَانَتْ السُّنَّةُ أَنْ يُقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَهْلَ دَارِ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ. وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَمِنْكُمْ، وَالْمُسْتَأْخِرِينَ ". وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
380 - 20 - سُئِلَ: عَنْ قَوْمٍ لَهُمْ تُرْبَةٌ: وَهِيَ فِي مَكَان مُنْقَطِعٍ، وَقُتِلَ فِيهَا قَتِيلٌ، وَقَدْ بَنَوْا لَهُمْ تُرْبَةً أُخْرَى، هَلْ يَجُوزُ نَقْلُ مَوْتَاهُمْ إلَى التُّرْبَةِ الْمُسْتَجَدَّةِ؟ أَمْ لَا؟
أَجَابَ: لَا يُنْبَشُ الْمَيِّتُ لِأَجْلِ مَا ذُكِرَ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

الصفحة 26