كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 3)

الْجَوَابُ: قَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» .
وَعَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: هُوَ الْمُحَلِّلُ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ» .
وَاتَّفَقَ عَلَى تَحْرِيمِ ذَلِكَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ؛ مِثْلُ: عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، وَعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَغَيْرِهِمْ حَتَّى قَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَزَالَا زَانِيَيْنِ، وَإِنْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً إذَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْ قَلْبِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُحِلَّهَا لَهُ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نِكَاحَ إلَّا نِكَاحُ رَغْبَةٍ لَا نِكَاحُ دُلْسَةٍ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَنْ يُخَادِعْ اللَّهَ يَخْدَعْهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: كُنَّا نَعُدُّهَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سِفَاحًا.
وَقَدْ اتَّفَقَ أَئِمَّةُ الْفَتْوَى كُلُّهُمْ عَلَى أَنَّهُ إذَا شَرَطَ التَّحْلِيلَ فِي الْعَقْدِ كَانَ بَاطِلًا، وَبَعْضُهُمْ لَمْ يَجْعَلْ لِلشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا الْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ تَأْثِيرًا، وَجَعَلَ الْعَقْدَ مَعَ ذَلِكَ كَالنِّكَاحِ الْمَعْرُوفِ نِكَاحِ الرَّغْبَةِ.
وَأَمَّا الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَأَكْثَرُ أَئِمَّةِ الْفُتْيَا فَلَا فَرْقَ عِنْدَهُمْ بَيْنَ هَذَا الْعُرْفِ وَاللَّفْظِ، وَهَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَأَهْلِ الْحَدِيثِ، وَغَيْرِهِمَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[مَسْأَلَةٌ الْعَبْد الصَّغِيرِ إذَا اُسْتُحِلَّتْ بِهِ النِّسَاءُ وَهُوَ دُونَ الْبُلُوغِ]
423 - 25 - مَسْأَلَةٌ:
فِي الْعَبْدِ الصَّغِيرِ إذَا اُسْتُحِلَّتْ بِهِ النِّسَاءُ وَهُوَ دُونَ الْبُلُوغِ، هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ زَوْجًا وَهُوَ لَا يَدْرِي الْجِمَاعَ؟
الْجَوَابُ: ثَبَتَ فِي سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ: «لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا، وَمُوكِلَهُ، وَشَاهِدَيْهِ،

الصفحة 95