كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 5)

[كِتَابُ اللِّعَانِ]
ِ وَلَوْ لَمْ يَقُلْ الزَّوْجُ فِي أَيْمَانِهِ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ صِحَّتُهُ كَمَا إذَا اقْتَصَرَ الزَّوْجُ فِي النِّكَاحِ عَلَى قَوْلِهِ: قَبِلْت وَإِذَا جَوَّزْنَا إبْدَالَ لَفْظِ الشَّهَادَةِ وَالسَّخَطِ وَاللَّعْنِ فَلَأَنْ تُجَوِّزَهُ بِغَيْرِ الْعَرَبِيَّةِ أَوْلَى وَإِنْ لَاعَنَ الزَّوْجُ وَامْتَنَعَتْ الزَّوْجَةُ عَنْ اللِّعَانِ حَدَثَ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ وَلَفْظُهُ عَلَّقَ هَلْ هِيَ صَرِيحٌ أَوْ تَعْرِيضٌ. اخْتَلَفَ فِيهِ كَلَامُ أَبِي الْعَبَّاسِ.
وَلَوْ شَتَمَ شَخْصًا فَقَالَ: أَنْت مَلْعُونٌ وَلَدُ زِنًا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّعْزِيرُ عَلَى مِثْلِ هَذَا الْكَلَامِ وَيَجِبُ عَلَيْهِ حَدُّ الْقَذْفِ إنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهَذِهِ الْكَلِمَةِ أَنَّ الْمَشْتُومَ فِعْلُهُ كَفِعْلِ الْخَبِيثِ أَوْ كَفِعْلِ وَلَدِ الزِّنَا وَلَا يُحَدُّ الْقَذْفَ إلَّا بِالطَّلَبِ إجْمَاعًا،

وَالْقَاذِفُ إذَا تَابَ قَبْلَ عِلْمِ الْمَقْذُوفِ هَلْ تَصِحُّ تَوْبَتُهُ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ إنْ عَلِمَ بِهِ الْمَقْذُوفُ لَمْ تَصِحَّ تَوْبَتُهُ وَإِلَّا صَحَّتْ وَدَعَا لَهُ وَاسْتَغْفَرَ وَعَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ لَا يَجِبُ لَهُ الِاعْتِرَافُ لَوْ سَأَلَهُ فَعَرَضَ وَلَوْ مَعَ اسْتِحْلَافِهِ لِأَنَّهُ مَظْلُومٌ وَتَصِحُّ تَوْبَتُهُ وَفِي تَجْوِيزِ التَّصْرِيحِ بِالْكَذِبِ الْمُبَاحِ هَاهُنَا نَظَرٌ وَمَعَ عَدَمِ تَوْبَتِهِ وَإِحْسَانِ تَعْرِيضِهِ كَذِبٌ وَيَمِينُهُ غَمُوسٌ وَاخْتِيَارُ أَصْحَابِنَا لَا يَعْلَمُهُ بَلْ يَدْعُو لَهُ فِي مُقَابَلَةِ مَظْلِمَتِهِ وَزِنَاهُ بِزَوْجَةِ غَيْرِهِ كَغَيْبَتِهِ، وَوَلَدُ الزِّنَا مَظِنَّةُ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلًا خَبِيثًا كَمَا يَقَعُ كَثِيرًا وَأَكْرَمُ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.

الصفحة 507