كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 5)

بِالِاحْتِيَاطِ فَحَقَنَّا دِمَاءَهُمْ بِالْجِزْيَةِ وَحَرَّمْنَا ذَبِيحَتَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ احْتِيَاطًا.
وَهَذَا مَا أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةِ وَإِذَا ذَبَحَتْهُمْ فَأَحْسِنُوا الذِّبْحَةَ» .
وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْإِحْسَانَ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ حَتَّى فِي إزْهَاقِ النَّفْسِ نَاطِقِهَا وَبَهِيمِهَا فَعَلَى الْإِنْسَانِ أَنْ يُحْسِنَ الْقِتْلَةَ لِلْآدَمِيِّينَ وَالذَّبِيحَةَ لِلْبَهَائِمِ وَيَحْرُمُ مَا ذَبَحَهُ الْكِتَابِيُّ لِعِيدِهِ أَوْ لِيَتَقَرَّبَ بِهِ إلَى شَيْءٍ يُعَظِّمُهُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. وَالذَّبِيحِ إسْمَاعِيلَ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ ابْنِ حَامِدٍ وَابْنِ أَبِي مُوسَى وَذَلِكَ أَمْرٌ قَطْعِيٌّ.

[فَصْلٌ الصَّيْدُ لِحَاجَةٍ]
فَصْلٌ وَالصَّيْدُ لِحَاجَةٍ جَائِزٌ وَأَمَّا الصَّيْدُ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إلَّا اللَّهْوُ وَاللَّعِبُ فَمَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانَ فِيهِ ظُلْمٌ لِلنَّاسِ بِالْعُدْوَانِ عَلَى زَرْعِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ فَحَرَامٌ وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي تَعْلِيمِ الْفَهْدِ إلَى أَهْلِ الْخِبْرَةِ، فَإِنْ قَالُوا: إنَّهُ مِنْ جِنْسِ تَعْلِيمِ الصَّقْرِ بِالْأَكْلِ أُلْحِقَ بِهِ وَإِنْ قَالُوا إنَّهُ تَعَلَّمَ بِتَرْكِ الْأَكْلِ كَالْكَلْبِ أُلْحِقَ بِهِ وَإِذَا أَكَلَ الْكَلْبُ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ لَمْ يَحْرُمْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَيْدِهِ وَلَمْ يُبَحْ مَا أَكَلَ مِنْهُ.

الصفحة 550