كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 5)

[كِتَابُ الْأَيْمَانِ]
ِ الْحَالِفُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ شَيْئَيْنِ مِنْ كَرَاهَةِ الشَّرْطِ وَكَرَاهَةِ الْجَزَاءِ عِنْدَ الشَّرْطِ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ حَالِفًا سَوَاءٌ كَانَ قَصْدُهُ الْحَضَّ وَالْمَنْعَ أَوْ لَمْ يَكُنْ قَالَ أَصْحَابُنَا: فَإِنْ حَلَفَ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي قَدْ يُسَمَّى بِهَا غَيْرُهُ وَإِطْلَاقُهُ يَنْصَرِفُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ يَمِينٌ إنْ نَوَى بِهِ اللَّهَ أَوْ أَطْلَقَ وَإِنْ نَوَى غَيْرَهُ فَلَيْسَ بِيَمِينٍ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: هَذَا مِنْ التَّأْوِيلِ لِأَنَّهُ نَوَى خِلَافَ الظَّاهِرِ فَإِنْ كَانَ ظَالِمًا لَمْ تَنْفَعْهُ وَتَنْفَعُ الْمَظْلُومَ، وَفِي غَيْرِهِمَا وَجْهَانِ إذْ الْكَلَامُ الْمَحْلُوفُ بِهِ كَالْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَأَظُنُّ أَنَّ كَلَامَ أَحْمَدَ فِي الْمَحْلُوفِ بِهِ نَصًّا قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ فَإِنْ قَالَ اسْمُ اللَّهِ مَرْفُوعًا مَعَ الْوَاوِ أَوْ عَدَمِهِ أَوْ مَنْصُوبًا مَعَ الْوَاوِ وَيَعْنِي فِي الْقَسَمِ بِاسْمٍ فَهُوَ يَمِينٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ وَلَا يُرِيدُ الْيَمِينَ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: يُتَوَجَّهُ فِيمَنْ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ إذَا أَطْلَقَ وَجْهَانِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَاسِبِ وَالنَّحْوِيِّ فِي الطَّلَاقِ كَقَوْلِهِ: إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَأَنْتَ طَالِقٌ وَاحِدَةً فِي اثْنَيْنِ وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ هَذَا يَمِينٌ بِكُلِّ حَالٍ لِأَنَّ رَبْطَهُ جُمْلَةَ الْقَسَمِ يُوجِبُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يَكُونَ يَمِينًا لِأَنَّهُ لَحَنَ لَحْنًا لَا يُحِيلُ الْمَعْنَى بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ.
قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ: وَإِنْ قَالَ أَيْمَانُ الْبَيْعَةِ لَازِمٌ لِي أَوْ لَمْ يَلْزَمْ لِي إنْ فَعَلْت كَذَا فَهَذِهِ يَمِينٌ رَتَّبَهَا الْحَجَّاجُ تَتَضَمَّنُ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَالطَّلَاقَ وَالْعَتَاقَ وَصَدَقَةَ الْمَالِ فَإِنْ عَرَفَهَا الْحَالِفُ وَنَوَاهَا انْعَقَدَتْ يَمِينُهُ بِمَا فِيهَا وَإِلَّا فَلَا وَقِيلَ تَنْعَقِدُ إذَا نَوَاهَا وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا وَقِيلَ لَا تَنْعَقِدُ الْأَيْمَانُ بِاَللَّهِ بِشَرْطِ النِّيَّةِ (قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ) قِيَاسُ أَيْمَانِ الْمُسْلِمِينَ

الصفحة 551