كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 5)

وَشَاهِدُ الزُّورِ إذَا تَابَ بَعْدَ الْحُكْمِ فِيمَا لَا يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ فَهُنَا قَدْ يَتَعَلَّقُ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ فَلَا يَسْقُطُ عَنْهُ التَّعْزِيرُ، وَأَمَّا إذَا تَابَ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ فِيمَا يَبْطُلُ بِرُجُوعِهِ فَهُنَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ ثُمَّ تَارَةً يَجِيءُ إلَى الْإِمَامِ تَائِبًا، فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ قَاطِعِ الطَّرِيقِ إذَا تَابَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ وَتَارَةً يَتُوبُ بَعْدَ ظُهُورِ تَزْوِيرِهِ فَهُنَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَسْقُطَ عَنْهُ التَّعْزِيرُ، وَمَنْ شَهِدَ بَعْدَ الْحُكْمِ شَهَادَةً تُنَافِي شَهَادَتَهُ الْأُولَى فَكَرُجُوعِهِ عَنْ الشَّهَادَةِ وَأَوْلَى.
وَأَفْتَى أَبُو الْعَبَّاسِ فِي شَاهِدٍ قَاسَ بِكَذَا وَكَتَبَ خَطَّهُ بِالصِّحَّةِ فَاسْتَخْرَجَ الْوَكِيلُ عَلَى حُكْمِهِ ثُمَّ قَاسَ وَكَتَبَ خَطَّهُ بِزِيَادَةٍ فَغَرِمَ الْوَكِيلُ الزِّيَادَةَ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: يَغْرَمُ الشَّاهِدُ مَا غَرِمَهُ الْوَكِيلُ مِنْ الزِّيَادَةِ بِسَبَبِهِ تَعَمَّدَ الْكَذِبَ أَوْ أَخْطَأَ كَالرُّجُوعِ وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

الصفحة 579