كتاب الفتاوى الكبرى لابن تيمية (اسم الجزء: 6)

تَعَالَى: {وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ} [الزمر: 45] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُورًا} [الإسراء: 46] وَقَالَ تَعَالَى: {وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ} [ص: 4] {أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص: 5] {وَانْطَلَقَ الْمَلأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} [ص: 6] {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي الْمِلَّةِ الآخِرَةِ إِنْ هَذَا إِلا اخْتِلاقٌ} [ص: 7] .
وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ - وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ} [الصافات: 35 - 36] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} [يوسف: 106] .
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعَطَاءٌ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ يَسْأَلُهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ فَيَقُولُونَ اللَّهُ وَهُمْ مَعَ هَذَا يَعْبُدُونَ غَيْرَهُ وَيُشْرِكُونَ بِهِ وَيَقُولُونَ لَهُ وَلَدٌ وَثَالِثُ ثَلَاثَةٍ فَكَانَ الْكُفَّارُ يُقِرُّونَ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ وَهُوَ نِهَايَةُ مَا يُثْبِتُهُ هَؤُلَاءِ الْمُتَكَلِّمُونَ إذَا سَلِمُوا مِنْ الْبِدَعِ فِيهِ وَكَانُوا مَعَ هَذَا مُشْرِكِينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ غَيْرَ اللَّهِ وَقَالَ تَعَالَى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} [الزخرف: 45] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 25] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ} [النحل: 36] .
فَبَيَّنَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ بِهَذَا التَّوْحِيدِ بَعَثَ جَمِيعَ الرُّسُلِ وَأَنَّهُ بَعَثَ إلَى كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا بِهِ وَهَذَا هُوَ الْإِسْلَامُ الَّذِي لَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ الْأَوَّلِينَ وَلَا مِنْ الْآخِرِينَ دِينًا غَيْرَهُ قَالَ تَعَالَى:

الصفحة 565