كتاب الفتح القسي في الفتح القدسي = حروب صلاح الدين وفتح بيت المقدس

أعوادها أنابيب. واسعرها من كماة الوغى وحماة الورى بمساعير، وأنجدها بضوامره ضوامر الظفر بمضامير.
وهذه فتوحه بنشر النصر وتضوع، وعقوده تروق في سلك الملك وتروع. ومصر بل الأمصار باجتهاده في الجهاد شاهدة، والاتحاد والأغوار في نظر عزمه واحدة. والبيت المقدس في فتوحاته، والملك العقيم من نتائج عزماته، وتوفره على العبودية لمالك رقه سيدنا أمير المؤمنين اوفر حسناته، وكل ذلك في طاعته ومناصحته وبركاته.
وما زال ظاهرا على العدا، ناصرا للهدى، معليا معالم العلى، محييا مواسم التقى.
مسنيا سنن الشرع وفروضه، مديما بأعباء الطاعة بقدر الطاقة نهوضه. وهو الذي ملك ملوك الشرك وغل أعناقها، وأسر طواغيت الكفر وشد وثاقها. وقمع عبدة الصلبان وقصم أصلابها، وجمع كلمة الإيمان وعصم جنابها، ونظم أسبابها. وسد الثغور، وسدد الأمور. وأذل للدار العزيزة كل عدو، وأخذ لها على يد كل ذي عتو، واستمرت على أيام مساعيه في الخدمة ناجحة، ومعانيه على موازين الموازين راجحة. وسيرته حسنه وحسناته سائرة، ومحاسنه ظاهرة، وسريرته طاهرة.
وختم الله له بالسعادة، وتوفاه على الوفاء بالعبودية والعبادة، وقضى وقد قضى من آرائه آرابه، وقدم بين يديه أعماله الصالحة ووفاه حسابه. وقبض وعدله مبسوط، وأمره محوط، ووزره محطوط، وعمله بالصلاح منزط، وأمله بالنجاح مشروط، وملكه بحفظ الله وكلاءته مضبوط. والمذاهب مهذبة، والمراتب مرتبة، والأسباب محكمة والأحكام مسببة. والأحوال حالية، والأعمال راضية. والمصالح مصونة؛ والمناجح مضمونة. والرعية مرعية، والعوائد مرضية. والقواعد متأثلة، والمقاصد متحصلة. والثغور مسدودة، والخطوب مصدودة.
وأصول الدولة ثابتة، وفروع الدوحة نابتة. وما ترك أمرا بعده غير مستقيم، ولا نهجا غير قويم. ولا خلف لمن خلفه ما يحتاج إلى تقريبه وتقريره، ولا أبقى لمن بقى له ما يفتقر إلى ترتيبه وتدبيره. وما خرج من الدنيا إلا وهو في حكم الطاعة الامامية داخل، وبمتجرها الرابح إلى دار المقامة راحل.
ولم تكن له وصية إلا بالاستمرار على جادتها، والاستكثار من مادتها، والاستسعاد بسعادتها، والاستعداد لعبادتها. والاستجارة بضلالها، والاستنارة بجلالها، والاستعاذة بفضلها، والاستزادة من أفضالها. وما بنيت القواعد إلا على أساس وصاياه، ولا أمضيت العوائد إلا على قياس سجاياه.
ولا أبرم إلا ما عقده، ولا أحكم إلا ما أكده. واقتفيت آثاره، واجتليت انواره، واتبع إيثاره، وأثمرت في ائتمار الأوامر الشريفة أوامره، ومن كان في نصرة الدولة الامامية الناصرية فإن الله ناصره.
وما يفتخر العبد إلا بما ورثه في ولائها من الفخار، وبعثه من آلائها الغزار، ونعشه برفعه من

الصفحة 340