كتاب جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد (اسم الجزء: 2)

6300 - مالك بن أوس: أرسل إلى عمر فجئته حين تعالى النهار، فوجدته في بيته جالسًا على سرير مفضيًا إلى رماله متكئًا على وسادةٍ من أدم، فقال لي: يا مال إنه قد دف أهل أبياتٍ من قومك وقد أمرت فيهم برضخٍ، فخذه فاقسمه بينهم، قلت: لو أمرت بهذا غيري، قال: خذه يا مال، فجاء يرفأ، فقال: هل لك يا أمير المؤمنين في عثمان وعبد الرحمن بن عوف والزبير وسعد؟ فقال: نعم، فأذن لهم، فدخلوا، ثم جاء فقال: هل لك في عباس وعلىٍّ؟ قال: نعم، فأذن لهما، فقال العباس: يا أمير المؤمنين، اقض بيني وبين هذا، فقال القوم: أجل يا أمير المؤمنين، فاقض بينهم وأرحهم، قال مالك بن أوس: فخيل إلى أنهم قد كانوا قدموهم لذلك، فقال عمر: اتئدوا، أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا نورث ما تركناه صدقة)) قالوا: نعم، ثم أقبل على العباس وعليٍّ فقال: أنشدكما بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمان أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا نورث ما تركناه صدقةً؟)) قالا: نعم، قال: إنَّ الله خصَّ رسوله بخاصةٍ لم يخصص بها أحدًا غيره، فقال لهم: {مَا أَفَاءَ الله عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُول} [الحشر: 7] (¬1).
¬_________
(¬1) البخاري (4033)، ومسلم (1757) 49.
6301 - وفي رواية: ((ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيلٍ ولا ركاب)). فقسم - صلى الله عليه وسلم - بينكم أموال بني النضير، فوالله ما استأثر عليكم ولا أخذها دونكم حتى بقي هذا المال، فكان يأخذ منه نفقةً سنةً ثم يجعل ما بقى أسوة المال، ثم قال: أنشدكم بالله الذي بإذنه تقوم السماء والأرض، أتعلمون ذلك؟ قالوا: نعم، ثم نشد عباسًا وعليًّا بذلك، قالا: نعم، (قال) (¬1): فلما توفي - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكرٍ: أنا ولى رسول الله، فجئتما تطلب أنت ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبو بكر: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا نورث ما تركنا صدقة))
-[512]- ثم توفى أبو بكر وأنا وولي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وولي أبو بكرٍ، فوليتها، ثم جئتني أنت وهذا وأنتما جميع وأمركما واحد، فقلتم: ادفعها إلينا، فقلت: إن شئتم دفعتها إليكم على أن عليكما عهد الله وأن تعملا فيها بالذي كان يعمل - صلى الله عليه وسلم -، فأخذتماها بذلك أكذلك؟ قالا: نعم، ثم جئتماني لأقضي بينكما، ولا والله لا أقضي بينكما بغير ذلك حتى تقوم الساعة فإن عجزتما عنها فرداها إلي (¬2).
¬_________
(¬1) من: (ب).
(¬2) مسلم (1757) 49.

الصفحة 511