كتاب جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد (اسم الجزء: 3)

سورة النِّسَاء
6867 - عائشة: سألها عروة عن قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى - إلى- أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 3] قالت: يا ابنَ أختي: هذه اليتيمةُ تكونُ في حجر وليها فيرغبُ في جمالها ومالها ويريدُ أن ينتقصَ صداقها، فنهوا عن نكاحِهنَّ إلا أنْ يقسطُوا لهنَّ في إكمالِ الصداقِ، وأمرُوا بنكاح من سواهنَّ، قالتْ عائشةُ: فاستفتى الناسُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك، فأنزل الله تعالى: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ - إلى وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ} [النساء: 127] فبين لهم أنَّ اليتيمة إذا كانت ذات جمالٍ ومالٍ رغبوا في نكاحها ولم يلحقوها بسنتها في إكمال الصداق، وإذا كانت مرغوبةً عنها في قلةِ المالِ والجمالِ تركوها والتمسُوا غيرها من النساءِ قال: فكما يتركونها حين يرغبون عنها فليس لهم أن ينكحوها إذا رغبُوا فيها إلاَّ أن يقسطُوا لها ويعطُوها حقَّها الأوفى من الصداق (¬1).
¬_________
(¬1) البخاري (5092)، ومسلم (3018).
6868 - وفي رواية: يا ابن أختي هي اليتيمةُ تكونُ في حجرِ وليِّها تشاركُهُ في مالهِ فيعجبُهُ مالُها وجمالُها، ويريدُ أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيرهُ، فنهوا عن نكاحهنَّ إلا أن يقسطُوا لهنَّ ويبلغُوا لهنَّ أعلى سنتهنَّ من الصداقِ.
وفيه: قالت والذي ذكر الله، أنَّهُ يتلى عليكم في الكتاب الآيةُ الأولى التي قال فيها: {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُم} [النساء: 3] قالت وهو قولُ الله تعالى في الآية الأخرى: {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنّ} [النساء: 127] رغبةُ أحدكُم عن يتيمته التي تكونُ في حجره حين تكونُ قليلة المالِ، فنهو أن
-[110]- ينكحُوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساءِ إلاَّ بالقسط من أجلِ رغبتهم عنهنَّ. للشيخين وأبي داود والنسائي (¬1).
¬_________
(¬1) البخاري (2494)، ومسلم (3018).

الصفحة 109