كتاب جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد (اسم الجزء: 3)

6573 - كعب بن مالكٍ: جاء ملاعب الأسنَّة إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بهديةٍ، فعرض عليه الإسلام، فأبى أن يُسلم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: فإني لا أقبل هدية مشركٍ، قال: فابعث إلى أهل نجدٍ من شئت، فأنا لهم جارٌ، فبعث إليهم بقومٍ فاستجاش عليهم عامر بن الطفيل بني عامرٍ، فأبوا أن يطيعوه، وأبوا أن يخفروا ملاعب الأسنة، فاستجاش عليهم بني سليمٍ، فأطاعوه فاتبعهم بقريبٍ من مائة رامٍ، فأدركوهم ببئر معونة فقتلوهم، إلا عمرو بن أمية (¬1). للكبير برجال الصحيح.
¬_________
(¬1) الطبراني 19/ 71 - 72، وقال الهيثمي 6/ 127: ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في الصحيحة (1727).
6574 - ابن إسحاق: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - بعث أصحاب بئر معونة في صفرٍ على رأس أربعة أشهرٍ من أُحدٍ، حين قدم عليه أبو براء عامر بن مالكِ ملاعب الأسنة، فلم يُسلك ولم يبعد من الإسلام، وقال: يا محمدُ، لو بعثت إلى أهل نجدٍ رجالًا يدعونهم إلى أمرك، رجوتُ أن يستجيبوا لك، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((إني أخشى عليهم أهل نجدٍ)) قال أبو براء: أنا لهم جارٌ، فبعث - صلى الله عليه وسلم - المنذر بن عمرو في أربعين من خيارٍ المسلمين، منهم: الحارثُ بن الصمة، وحرامُ بن ملحان، وعروةُ بن أسماء، ونافعُ بن بديلٍ بن ورقاء الخزاعي، وعامر بن فهيرة، فساروا حتى نزلوا بئر معونة بين أرض بني عامرٍ وحرة بني سليمٍ، فبعثوا حرام بن ملحانٍ بكتاب النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى عامرٍ بن الطفيل، فلمَّا أتاهم لم ينظر في كتابه حتى قتله، ثم استصرخ بني عامرٍ، فأبوا أن يخفروا أبا براءٍ، وقد عقد لهم عقدًا وجوارًا،
-[17]- فاستصرخ بني سليم عصبةً ورعلًا وذكوان فأجابوه، فخرجوا حتى أحاطوا بالقوم، فلمَّا رأوهم، أخذوا أسيافهم، فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم، إلا كعب بن زيدٍ النجاري، فإنهم تركوه، وبه رمقٌ، فأرتث من بين القتلى، فعاش حتى قتل بالخندق، وكان في السرح عمرو بن أمية الضمري ورجلٌ من الأنصارِ، فلم ينبئهما بمصاب إخوانهما إلا الطيرُ تحومُ على العسكر، فقالَا: والله إنَّ لهذا الطير شأنًا. فأقبلا، فإذا القومُ في دمائهم، وإذا الخيل التي أصابتهم واقفة، فقال الأنصاري لعمرو بن أمية: ما ترى؟
قال: أرى أنَّ أُلحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لنخبره، فقال الأنصاريُّ: لكني ما كنتُ لأرغب بنفسي عن موطن قتلٍ فيه المنذر بن عمروٍ، فقاتل القوم حتى قتل، وأسروا عمرو بن أمية، فلمَّا أخبرهم أنه من مضرٍ أطلقه عامر بن الطفيل، وجزَّ ناصيته وأعتقه عن رقبةٍ زعم أنها كانت على أمه، فخرج عمرو فلقى رجلين من بني عامرٍ نزلًا في ظلٍ، وكان للعامريين عقدٌ من النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وجوارٌ، ولم يعلم به عمرو بن أمية، وقد سألهما حين نزل ممَّن أنتما؟
قال: من بني عامرٍ، فأمهلهما حتى ناما، فقتلهما وهو يرى أنه أصاب بهما ثأره من بني عامرٍ، فلمَّا قدم عمرو على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: لقد قتلت قتيلين (لأدينهما) (¬1)؛ ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: ((هذا عمل أبي براء لقد كنتُ لهذا كارهًا متخوفًا)) فبلغ ذلك أبا براءٍ فشق عليه إخفارُ عامر إياه، وما أصيب من أصحابه، فقال حسان: يحرض ابن أبي براءٍ على عامر بن الطفيل:
بني أمِّ البنين ألم يرعكم ... وأنتم من ذوائب أهل نجد
تهكُّم عامرٍ بأبي براءٍ ... ليخفره وما خطأ كعمد
ألا أبلغ ربيعة ذا المساعي ... فما أحدثتُ في الحدثان بعدي
أبوك أبو الحروب أبو براءٍ ... وخالك ما جدٌ حكم بن سعد

فحمل ربيعة بن أبي براء على عامرٍ بن الطفيل، فطعنه بالرمح في فخذه فوقع عن فرسه، وقال: هذا عملُ أبي براءٍ، فإن أمت فدمي لعمي لا يتبع به، وإن أعش فسأرى رأيي (¬2). للكبير.
¬_________
(¬1) في (ب): لأديهما.
(¬2) الطبراني 20/ 356 - 358، وقال الهيثمي 6/ 129: ورجاله ثقات إلى ابن إسحاق.

الصفحة 16