كتاب جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد (اسم الجزء: 3)

6584 - حذيفة: قال رجلٌ عنده: لو أدركتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قاتلت معه وأبليتُ، فقال حذيفة: أنت كنت تفعل ذلك؟
لقد رأيتنا معه - صلى الله عليه وسلم - ليلة الأحزاب وأخذتنا ريحٌ شديدةٌ وقرٌّ، فقال: ((ألا رجلٌ يأتيني بخبر القوم جعله الله معي يوم القيامة؟))
فسكتنا فلم يجبه منَّا أحدٌ، ثم قال: ((ألا رجلٌ يأتيني بخبر القوم؟))
قال ذلك ثلاث مراتٍ فلم يجبه أحدٌ، فقال: ((قم يا حذيفة فأتنا بخبر القوم))، فلم أجد بدًّا إذ دعاني باسمي إلاَّ أن أقوم، قال: ((اذهب فأتني بخبر القوم، ولا تذعرهم عليَّ))، فلمَّا وليت من عنده جعلتُ كأنما أمشي في حمامٍ، حتى أتيتهم، فرأيتُ أبا سفيان يُصلي ظهره بالنار، فوضعت سهمًا في كبد القوس، فأردتُ أن أرميهُ، فذكرت قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تذعرهم على)) ولو رميته لأصبته، فرجعت وأنا أمشي في مثل الحمام، فلمَّا أتيته أخبرته خبر القوم وفرغتُ، قررت فألبسني - صلى الله عليه وسلم - من فضل عباءةٍ كانت عليه يصلي فيها فلم أزل نائمًا (حتى) (¬1) أصبحتُ، قال: قم يا نومان. لمسلم (¬2).
¬_________
(¬1) طمس بالأصل، والمثبت من (ب).
(¬2) أخرجه مسلم (1788).
6585 - أبو هريرة: جاء الحارث الغطفاني إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا محمدُ، ناصفنا تمر المدينة، وإلا ملأناها عليك خيلاً ورجالاً، قال: ((حتى استأمر السعود: سعد بن عبادة وسعد بن معاذٍ)) فشاورهما، فقالا: لا والله ما أعطينا الدنية من أنفسنا في الجاهلية، فكيف وقد جاء الله بالإسلام، فرجع إليه الحارثُ فأخبره، فقال: غدرت يا محمد، فقال: حسانُ:
يا حارُ من يغدر بذمة جاره ... منكُم فإنَّ محمدًا لا يغدرِ
إن تغدروا فالغدر من عاداتكم ... واللؤم ينبتُ في أصول السنجرِ
-[21]- وأمانة (لنهدي) (¬1) حيث لقيتها ... مثل الزجاجة صدعها لا يجبر

فقال الحارث كفَّ عنا يا محمد لسان حسان، فلو مزج به ماء البحر لمزجه (¬2). للكبير والبزار بلينٍ.
¬_________
(¬1) في (أ): الهدي.
(¬2) الطبراني 6/ 28 (5406)، وقال الهيثمي 6/ 132: فيهما محمد بن عمرو وحديثه حسن، وبقية رجاله ثقات.

الصفحة 20