كتاب جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد (اسم الجزء: 3)

6623 - البراء بن عازب: اعتمر النَّبي - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة، فأبى أهلُ مكة أن يدعوه يدخل حتى قاضاهم على أن يدخل يعني من العام المقبل يقيم فيها ثلاثة أيام، فلما كتبوا الكتاب كتبوا: هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله. قالوا: لا نقر بها فلو نعلم أنك رسول الله ما منعناك ولكن أنت محمد بن عبد الله. فقال: ((أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله)) ثم قالَ لعلي: ((امح رسول الله)) قال: لا والله لا أمحوك أبدًا، فأخذ - صلى الله عليه وسلم - وليس يحسن يكتب، فكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله، لا يدخل مكة السلاح إلا السيف في القراب، وأن لا يخرج من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه، وأن لا يمنع مِنْ أصحابه أحدًا إنْ أراد أن يقيم بها. فلما دخلها ومضى الأجل أتوا عليا فقالوا قل لصاحبك: اخرج عنا فقد مضى الأجل، فخرج - صلى الله عليه وسلم - فتبعته ابنة حمزة تناديه يا عم يا عم فتناولها علي فأخذ بيدها، وقال لفاطمة: دونك ابنة عمك فحملتها، فاختصم فيها علي وزيد وجعفر فقال علي: أنا أخذتها وهي بنت عمي. وقال جعفر: بنت عمي وخالتها تحتي. وقال زيد: بنت أخي فقضى بها - صلى الله عليه وسلم - لخالتها وقال: ((الخالة بمنزلة الأم)) وقال لعلي: ((أنت مني وأنا منك)) وقال لجعفر: ((أشبهتَ خلقي وخلقي)) وقال لزيد: ((أنت أخونا ومولانا)). للشيخين (¬1).
¬_________
(¬1) البخاري (1781) مختصرا، ومسلم (1783).
6624 - ابن شهاب: أن أهل مكة الرجال والنساء والصبيان انكفئوا ينظرون إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وهم يطوفون بالبيت، وعبد الله بن رواحة يرتجز بين يديه - صلى الله عليه وسلم - متوشحًا بالسيف يقول:
خلوا بني الكفار عن سبيله ... أنا الشهيد أنه رسوله
قد نزل الرحمن في تنزيله ... في صحف تتلى على رسوله
فاليوم نضربكم على تأويله ... كما ضربناكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهب الخليل عن خليله
-[41]- وانبعث رجال من أشراف المشركين كراهية أن ينظروا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غيظًا وحمقًا وحسدًا، خرجوا إلى نواحي مكة فقضى - صلى الله عليه وسلم - نسكه وأقام ثلاثًا. للكبير (¬1).
¬_________
(¬1) ذكره الهيثمي 6/ 147، وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. وصححه الألباني في مختصر الشمائل (210).

الصفحة 40