كتاب جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد (اسم الجزء: 3)

6640 - ابن عباس لما نزل النبي - صلى الله عليه وسلم - مر الظهران قال العباس: قلت: والله لئن دخل - صلى الله عليه وسلم - مكة عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش، فجلست على بغلة النبي - صلى الله عليه وسلم - (فقلت: لعلي أجد ذا حاجة يأتي أهل مكة فيخبرهم بمكان النبي - صلى الله عليه وسلم -) (¬1) ليخرجوا إليه فيستأمنوه، فأنى لأسير إذ سمعت كلام أبي سفيان وبديل بن ورقاء فقلت: يا أبا حنظلة فعرف صوتي، قال: أبو الفضل؟ قلت: نعم. قال: مالك فداك أبي وأمي؟ قلت: هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والناس. قال: وما الحيلة؟ فركب خلفي ورجع صاحبه، فلما أصبح غدوت به على النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت: يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب هذا الفخر فاجعل له شيئًا. قال: ((نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن)) فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد. لأبي داود (¬2).
¬_________
(¬1) من (ب).
(¬2) أبو داود (3022)، وقال الألباني في صحيح أبي داود (2611): حسن.
6641 - أبو هريرة: أقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى قدم مكة، فبعث الزبير على إحدى المجنبتين، وبعث خالدًا على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسر فأخذ بطن الوادي، والنبي - صلى الله عليه وسلم - في كتيبة فنظر فرآني فقال: ((أبو هريرة)) قلت: لبيك يا رسول الله فقال: ((اهتف لا يأتيني إلا أنصاري)) فأطافوا به، ووبشت قريش من أوباش لها وأتباع فقالوا نقدم هؤلاء، فإن كان لهم شيء كنا معهم، وإن أصيبوا أعطينا الذي سألنا. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ترون إلى أوباش قريش وأتباعهم)) ثم قال بيديه إحداهما على الأخرى.
وزاد في رواية: وقال: ((احصدوهم حصدًا)) ثم قال: ((حتى توافوني بالصفا)) فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل، أحدًا إلا قتله وما أحد منهم يوجه إلينا شيئًا، فجاء أبو سفيان فقال: يا رسول الله أبيدت خضراء قريش، لا قريش بعد اليوم، قال: ((من دخل دار أبي سفيان فهو آمن)) فقالت الأنصار بعضهم لبعض: أما الرجل فأدركته رغبة في قريته ورأفة
-[48]- بعشيرته، وجاء الوحي فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((يا معشر الأنصار)) فقالوا: لبيك يا رسول الله. قال: ((قلتم أما الرجل فأدركته رغبة في قريته؟)) قالوا: قد كان ذاك. قال: ((كلا إني عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم المحيا محياكم والممات مماتكم)) فأقبلوا إليه يبكون ويقولون: والله ما قلنا الذي قلنا إلا الضن بالله وبرسوله فقال: ((إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم)) فأقبل الناس إلى دار أبي سفيان وأغلق الناس أبوابهم، وأقبل - صلى الله عليه وسلم - إلى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت، وأتى على صنم إلى جانب البيت كانوا يعبدونه، وفي يده - صلى الله عليه وسلم - قوس وهو آخذ بسيته، فلما أتى على الصنم جعل يطعن في عينه ويقول: {جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا} فلما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء أن يدعو. لمسلم.
وفي رواية أبي داود: ((من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن ألقى السلاح فهو آمن)) فعمدت صناديد قريش فدخلوا الكعبة فغص بهم، وطاف النبي - صلى الله عليه وسلم - وصلى خلف المقام، ثم أخذ بجنبتي الباب فخرجوا فبايعوه - صلى الله عليه وسلم - (¬1).
¬_________
(¬1) مسلم (1780)، وأبو داود (3024).

الصفحة 47