كتاب جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد (اسم الجزء: 3)

6665 - ابن مسعود: كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم حنين فولى الناس وثبت معه ثمانون رجلاً من المهاجرين والأنصار، وهم الذين أنزل الله عليهم السكينة والنبي - صلى الله عليه وسلم - على بغلته، فحادت به فمال عن السرج، فقلت: ارتفع رفعك الله، قال: ((ناولني كفًا من تراب))، فضرب به وجوههم فامتلأت أعينهم ترابًا. قال: ((أين المهاجرون والأنصار؟)) قلت: هم أولاء. قال: ((اهتف بهم)). فهتفت وجاءوا وسيوفهم بأيمانهم كأنها الشهب وولى المشركون أدبارهم. لأحمد والبزار والكبير (¬1).
¬_________
(¬1) أحمد 1/ 453، والبزار كما في ((كشف الأستار)) (1829)، والطبراني 10/ 169 (10351)، وصححه الحاكم 2/ 117، وتعقبه الذهبي بقوله: الحارث وعبد الواحد تحرف فيه إلى عبد الله ذوا مناكير، وهذا منها، ثم فيه إرسال، وقال الهيثمي 6/ 180: رجال أحمد رجال الصحيح غير الحارث بن حصيرة وهو ثقة، وله شاهد صحيح من حديث البراء عند البخاري (4317)، ومسلم (1776).
6666 - وله عن يزيد بن عامر السوائي: أنه - صلى الله عليه وسلم - أخذ قبضة من الأرض فرمى بها وجوههم وقال: ((ارجعوا شاهت الوجوه))، فما منهم أحد إلا وهو يشكو القذا ويمسح عينيه (¬1).
¬_________
(¬1) الطبراني 22/ 237، وقال الهيثمي 6/ 183: رجاله ثقات. وصححه الألباني في المشكاة (5891) من حديث سلمة بن الأكوع.
6667 - أبو جرول زهير بن صرد: لما أسرنا رسول الله يوم حنين وذهب يفرق السبي والشاء أتيته فأنشدت أقول:
امنن علينا رسول الله في كرم ... فإنك المرء نرجوه وننتظر
امنن على بيضة قد عاقها قدر ... مشتت شملها في دهرها غير
أبقت لنا الدهر هتافًا على حزن ... على قلوبهم الغماء والغمر
إن لم تداركهم النعماء تنشرها ... يا أرجح الناس حلمًا حين يختبر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها ... إذ فوك تملؤه من محضها الدرر
إذ أنت طفل صغير كنت ترضعها ... وإذا يزينك ما تأتي وما تذر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته ... واستبق منا فإنا معشر زهر
إنا لنشكر للنعماء إذ كفرت ... وعندنا بعد هذا اليوم مدخر
-[61]- فالبس العفو من قد كنت ترضعه ... من أمهاتك إن العفو مشتهر
يا خير من مرحت كمت الجياد به ... عند الهياج إذا ما استوقد الشرر
إنا نؤمل عفوًا منك نلبسه ... هادي البرية إذ تعفو وتنتصر
فاعف عفى الله عما أنت راهبه ... يوم القيامة إذ يهدي لك الظفر
فلما سمع - صلى الله عليه وسلم - هذا الشعر قال: ((ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم)) فقالت قريش: ما كان لنا فهو لله ولرسوله، وقالت الأنصار: ما كان لنا فهو لله ولرسوله. للكبير بخفي (¬1).
قلت: رواه الكبير عن عبيد الله بن زماحس (¬2) عن زياد بن طارق، وعاش مائة وعشرين عن زهير، وقد أزاح في لسان الميزان ما أعلوا به الحديث، وحسنه، وساق أسانيده العشارية منها عن أبي إسحاق بن الحريري، عن أحمد ابن الفخر البعلي، عن محمد المقدسي، عن يحيى بن محمود، عن فاطمة الجوزذانية عن محمد ابن عبد الله عن الطبراني به.
¬_________
(¬1) الطبراني 5/ 269 - 270 (5303)، وقال الهيثمي 6/ 187: فيه من لم أعرفهم. وذكره الألباني في ((صحيح السيرة النبوية)) ... ص 22.
(¬2) كذا في الأصل، وفي ((الكبير)) عبيد الله بن رماحي.

الصفحة 60