كتاب جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد (اسم الجزء: 3)

6784 - وفي أخرى: وكان - صلى الله عليه وسلم - يحبُ أن يوجَّه إلى الكعبة فأنزل تعالى {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} [البقرة: 144] فتوجَّه نحو الكعبة فقال السفهاءُ- وهم اليهودُ-: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: 142]. للشيخين والترمذي والنسائي نحوه (¬1).
¬_________
(¬1) البخاري (399).
6785 - ولمسلم، وأبى داود نحوه عن أنس، وفيه: فمرَّ رجلٌ من بني سلمة وهم ركوعٌ في صلاة الفجر نحو بيت المقدس، فقال: ألا إنَّ القبلة قد حولت إلى الكعبة، مرتين، فمالوا كما هم ركوعًا إلى الكعبة (¬1).
¬_________
(¬1) مسلم (527)، أبو داود (1045).
6786 - أبو سعيد رفعه: ((يجيءُ نوحٌ وأمتهُ، فيقولُ الله: هل بلغت؟
فيقول: نعم أي رب، فيقولُ لأمته: هل بلغكم؟
فيقولون: لا ما جاءنا من نبي فيقولُ لنوحٍ: من يشهدُ لك؟
فيقولُ: محمد وأمتُه، فنشهدُ أنهُ قد بلغ، هو قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ})) [البقرة: 143]. للترمذي والبخاري بلفظه (¬1).
¬_________
(¬1) البخاري (3339)، والترمذي (2961)، بزيادة لفظ: ((والوسط: العدل)).
6787 - ابنُ عباسٍ: في قوله تعالى: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَة} [البقرة: 156] الآية، أخبر الله تعالى أنَّ المؤمن إذا أسلم لأمر الله ورجع فاسترجع عند المصيبة، كُتب له ثلاثُ خصالٍ: الصلاةُ من الله، والرحمةُ، وتحقيقُ سبيل الهدى، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته وأحسنَ عقباهُ)). للكبير (¬1).
¬_________
(¬1) الطبراني 12/ 255 (13027)، وقال الهيثمي 2/ 331: فيه: علي بن أبي طلحة، وهو ضعيف. وقال في موضع آخر 6/ 317: إسناده حسن. وضعفه الألباني في ((الضعيفة)) (5001).
6788 - عروة: سألتُ عائشة فقلتُ لها: أرأيت قول الله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} [البقرة: 158] فوالله ما على أحدٍ جناحٌ أن لا يطوف بالصفا والمروة، قالت: بئس ما قلت يا ابن أختي، إنَّ هذه لو كانت على ما أولتها كانت لا جناح عليه أن لا يطوف بهما، ولكنها أنزلت من الأنصار، كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية
-[92]- التي كانوا يعبدونها عند المشلل، وكان من أهلَّ لها يتحرجُ أن يطوف بالصفا والمروة، فلما أسلمُوا سألوا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقالوا يا رسول الله: إنا كنا نتحرجُ أن نطوف بين الصفا والمروةِ، فأنزل الله تعالى {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله} [البقرة: 158] الآية قالت: وقد سنَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - الطواف بينهما، قال الزهري: فأخبرتُ أبا بكر بن عبد الرحمن فقال: إنَّ هذا لعلمٌ ما كنتُ سمعتُه، ولقد سمعتُ رجالاً من أهل العلم يذكرون أنَّ الناس إلا من ذكرت عائشة ممن كان يهلُّ لمناة، كانوا يطوفون كلهم بالصفا والمروة، فلمَّا ذكر الله الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا والمروة في القرآن، قالوا: يا رسول الله كنَّا نطوفُ بالصفا والمروة، وإنَّ الله أنزل الطواف بالبيت ولم يذكر الصفا، فهل علينا من حرجٍ أن نطوف بالصفا والمروة فأنزل الله: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ الله} [البقرة: 158] الآية، قال أبو بكرٍ: فأسمعُ هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما في الذين كانوا يتحرجون أن يطوفوا في الجاهلية بالصفا والمروة، والذين كانوا يطوفون، ثمَّ تحرجوا أن يطوفوا بهما في الإسلام؛ من أجل أنَّ الله تعالى أمر بالطواف بالبيت ولم يذكر الصفا حتى ذكر ذلك بعد ما ذكر الطواف بالبيت (¬1).
¬_________
(¬1) البخاري (1643)، ومسلم (1277).

الصفحة 91