كتاب جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد (اسم الجزء: 3)

6795 - ابن عباس: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] قالَ: كانَ الناسُ على عهد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إذا صلوا العتمة، حرِّم عليهم الطعامُ والشرابُ والنساء، وصاموا إلى القابلة، فاختان رجلٌ فجامع امرأتهُ، وقد صلى العشاء ولم يفطر، فأراد الله أن يجعل ذلك يسرًا لمن بقي ورخصةً ومنفعةً فقال: {عَلِمَ الله أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: 187] الآية.
فكان هذا مما نفع الله به الناس ورخص لهم ويسَّرَ. لأبي داود (¬1).
¬_________
(¬1) أخرجه أبو داود (2313). قال الألباني: حسن صحيح ((صحيح أبي داود)) (2028).
6796 - البراء: كان أصحابُ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -،إذا كان الرجلُ صائمًا فحضر الإفطارُ فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلتهُ ولا يومهُ حتى يمسي، وإنَّ قيس بن صرمة الأنصاري كان صائمًا فلمَّا حضر الإِفطارُ أتى امرأتهُ فقال: أعندك طعامٌ؟
قالت: لا، ولكن أنطلقُ فأطلب لك وكان يومهُ يعملُ، فغلبتهُ عينه فجاءت امرأتهُ، فلمَّا رأتهُ قالت: خيبةً لك، فلمَّا انتصف النهارُ غشي عليه، فذكر ذلك للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآيةُ: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُم} [البقرة: 187] ففرحُوا فرحًا شديدًا، ونزلت {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَد} [البقرة: 187] ولم ينزل {مِنَ الْفَجْرِ}. للبخاري وأصحاب السنن (¬1).
¬_________
(¬1) البخاري (1915).
6797 - (سهل بن سعد) أنزلت: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَد} ولم ينزل {مِنَ الْفَجْرِ}، فكان الرجالُ إذا أرادوا الصوم ربط أحدُهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولا يزالُ يأكلُ حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله تعالى بعدُ {مِنَ الْفَجْرِ} فعلمُوا إنما يعني: الليل والنهار. للشيخين (¬1).
¬_________
(¬1) البخاري (1917)، مسلم (1091).
6798 - عدى بن حاتم: لما نزلت {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَد} عمدتُّ إلى عقالٍ أسود وعقالٍ أبيض فجعلتُهُما
-[95]- تحت وسادتي، وجعلتُ أنظرُ من الليل فلا يستبينُ لي فغدوتُ على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فذكرتُ ذلك له، فقال: ((إنما ذلك سوادُ الليلِ وبياضُ النهارِ)) (¬1).
¬_________
(¬1) البخاري (1916)، ومسلم (1090).

الصفحة 94