كتاب جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد (اسم الجزء: 4)

ما ورد من فتن مسماة
9810 - حذيفةُ: كنَّا عند عمر، فقال: أيكُم يحفظُ من حديثِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في الفتنةِ؟ فقلتُ: أنا أحفظهُ، فقال: هات إنك لجريءٌ، وكيف قال؟ قلتُ: سمعتُه يقولُ: «فتنةُ الرجلِ في أهلهِ ومالهِ ونفسهِ وولدهِ وجاره، يكفرها الصيامُ والصلاةُ والصدقةُ والأمرُ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ»، فقال عمرُ: ليس هذا أريدُ، إنما أريدُ التي تموجُ كموجِ البحر، قلتُ: مالكَ ولها يا أميرَ المؤمنينَ؟ إنَّ بينكَ وبينها بابًا مغلقًا، قال: فيكسرُ البابُ أو يفتحُ؟ قال: قلتُ: بل يُكسرُ، قال: ذلك أحرى أن لا يغلقَ أبدًا، قال فقلنا لحذيفة: هل كانَ عمرُ يعلمُ من البابُ؟ قال: نعم، كما يعلمُ أنَّ دونَ غدٍ ليلةً، إني حدثُته حديثًا ليس بالأغاليط، قال: فهبنا أن نسألَ حذيفة من البابُ؟ فقلنا لمسروقٍ سلهُ، فسأله فقالَ: عُمرُ (¬1). للشيخين والترمذي.
¬_________
(¬1) البخاري (1435) واللفظ له، ومسلم (144)،والترمذي (2258).
9811 - وفي روايةٍ: قال عمرُ أنت لله أبوكَ، قال حذيفةُ: سمعتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: «تعرض الفتنُ على القلوبِ كالحصيرِ عودًا عودًا، فأيُّ قلبٍ أُشربها نكتت فيه نكتة سوداءَ، وأيُّ قلبٍ أنكرها نكتت فيه نكتةً بيضاء، حتى تصيرَ على قلبينِ على أبيضٍ مثل الصفا فلا تضرُّهُ فتنةٌ ما دامت السمواتُ والأرضُ، والآخرُ أسودُ مربادٌّ كالكوز مجخيًا لا يعرف معروفًا ولا ينكرُ منكرًا إلا ما أشربَ من هواهُ»، وحدثته أن بينكَ وبينها بابًا مغلقًا يوشكُ أن يكسر، قال عمرُ: أكسرا لا أبا لكَ، فلو أنهُ فُتح لعلَّهُ كان يعادُ، قال: لا بل يُكسرُ، وحدثتُه أنَّ ذلكَ البابَ رجلٌ يقتلُ أو يموتُ حديثًا ليس بالأغاليطِ، قالَ أبو خالد: فقلتُ لسعدٍ: يا أبا مالكٍ! ما أسودُ مربادٌّ؟ قال: شدةُ البياضِ في سوادٍ، قلتُ: فما الكوز مجخيًا؟ قالَ: منكوسًا (¬1).
¬_________
(¬1) أخرجها مسلم (144).
9812 - ابنُ عمر: كنَّا قعودًا عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فذكرَ الفتنَ فأكثرَ في ذكرها، حتى ذكر فتنةَ الأحلاسِ، قال: «هي هربٌ وحربٌ، ثم فتنةُ السراءِ دخنها من تحت
-[163]- قدميّ رجلٍ من أهل بيتي يزعمُ أنهُ منيِّ وليس منيّ، وإنما أوليائي المتقونَ، ثم يصطلحُ الناسُ على رجلٍ كوركٍ على ضلعٍ، ثم فتنة الدهيماءِ لا تدع أحدًا من هذه الأمةِ إلا لطمتهُ لطمةً، فإذا قيلَ انقضت تمادت، يصبحُ الرجلُ فيها مؤمنًا ويمسي كافرًا، حتى يصير الناسُ إلى فسطاطينِ، فسطاط إيمانٍ لا نفاقَ فيه، وفسطاطُ نفاقٍ لا إيمانَ فيه، فإذا كان ذاكُم فانتظروا الدجالَ من يومهِ أو غده» (¬1).
¬_________
(¬1) أبو داود (4242). وأحمد (2/ 133). وقال الألباني: صحيح (3568).

الصفحة 162