كتاب جمع الفوائد من جامع الأصول ومجمع الزوائد (اسم الجزء: 4)

10033 - وللدارمي عن عقبةَ بن عامرٍ نحوه وفيه: «فيأتُون عيسى فيقولُ أدلكُم على النبيِّ الأميِّ، فيأتون فيأذنُ الله لي أن أقوم إليهِ، فيثورُ مجلسي أطيب ريحٍ شمها أحدٌ قط حتى آتي ربي فيشفعني، ويجعلُ لي نورًا من شعر رأسي إلى ظفر قدمي، فيقولُ الكافرونَ عند ذلك لإِبليس: قد وجد المؤمنونَ من يشفعُ لهم، فقم أنتَ فاشفع لنا إلى ربكَ فإنك أنت أضللتنا، قالَ: فيقومُ فيثورُ مجلسهُ أنتنَ ريحٍ شمها أحدٌ قط ثم يعظمُ لجهنم، فيقولُ عند ذلك {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ الله وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [ابراهيم: الآية22] الآية. (¬1)
¬_________
(¬1) الدارمي (2804) وقال الهيثمي (10/ 376): وفيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم وهو ضعيف.
10034 - أبو هريرة كنا مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في دعوةٍ فرفعَ إليهِ الذراعُ، وكان يعجبُهُ، فنهسَ منها نهسةً وقالَ: «أنا سيدُ الناسِ يومَ القيامةِ هل تدرون مما ذاكَ؟ يجمعُ الله الأولين والآخرينَ في صعيدٍ واحدٍ، فيبصرُهُم الناظرُ ويسمعهُم
-[217]- الداعي، وتدُنو منهم الشمسُ، فيبلغُ الناسُ من الغمِّ والكربِ ما لا يطيقونَ ولا يتحملونَ، فيقولُ الناسُ ألا ترونَ إلى ما أنتم فيهِ وإلى ما بلغكُم، ألا تنظرونَ من يشفعُ لكم إلى ربكُم؟ فيقولُ بعضُ الناسِ لبعضٍ: أبوكُم آدم، فيأتونهُ فيقولون يا آدمُ أنتَ أبو البشرِ، خلقكَ الله بيدِهِ، ونفخَ فيكَ من روحهِ، وأمرَ الملائكةَ فسجدُوا لك، وأسكنكَ الجنة، ألا تشفعُ لنا إلى ربكَ، ألا ترى ما نحن فيه؟! وما بلغنا؟ فقال: إنَ ربي غضبَ اليوم غضبًا لم يغضب قبلهُ مثلهُ، ولا يغضبُ بعدهُ مثلهُ، وإنَّهُ نهاني عن الشجرةِ فعصيتُ، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبُوا إلى نوحٍ، فيأتُون نوحًا فيقولونَ: يا نوحٌ أنت أولُ الرسل إلى أهلِ الأرضِ، وقد سماك الله عبدًا شكورًا، ألا ترى ما نحنُ فيهِ؟ ألا ترى ما بلغنا؟ ألا تشفعُ لنا إلى ربكَ؟ فيقولُ: إنَّ ربي غضب اليومَ غضبًا لم يغضبٍْ قبلهُ مثلهُ، ولن يغضبَ بعدهُ مثلهُ، وإنَّهُ قد كانت لي دعوةٌ دعوتُ بها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبُوا إلى غيري اذهبُوا إلى إبراهيم، فيأتونَ إلى إبراهيم، فيقولُون: أنت نبيُّ الله وخليلهُ من أهلِ الأرضِ، اشفع لنا إلى ربكَ، ألا ترى إلى ما نحنُ فيهِ؟ فيقولُ لهم: إنَّ ربي قد غضبَ اليومَ غضبًا لم يغضب قبلهُ مثلهُ، ولن يغضبَ بعدهُ مثلهُ، وإني كنتُ كذبتُ ثلاثَ كذباتٍ فذكرها، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبُوا إلى غيري، اذهبُوا إلى موسى، فيأتونَ موسى فيقولونَ: أنتَ رسولُ الله، فضَّلك الله برسالاتهِ وبكلامهِ على الناسِ، اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحنُ فيهِ؟ فيقولُ: إنَّ ربي قد غضبَ اليومَ غضبًا لم
يغضب قبله مثلهُ، ولن يغضب بعدهُ مثلهُ، وإني قد قتلتُ نفسًا لم أؤمر بقتلها، نفسي، نفسي، نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبُوا إلى عيسىَ، فيأتون عيسى، فيقولون: يا عيسى! أنت رسولُ الله وكلمتُهُ ألقاها إلى مريم، وروحُ منهُ، وكلمَّت الناسَ في المهد، اشفع لنا إلى ربكَ، ألا ترى ما نحنُ فيهِ؟
فيقولُ عيسى: إنَّ ربي قد غضبَ اليومَ غضبًا لم يغضبْ قبلهُ مثلهُ، ولن يغضب بعده مثلهُ، ولم يذكر ذنبًا، نفسي، نفسي، نفسي، اذهبُوا إلى غيري، اذهبُوا إلى محمدٍ، فيأتُون فيقولون: يا محمدٌ أنت رسولُ الله وخاتم النبيينَ، وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخرَ، اشفع لنا إلى ربكَ، ألا ترى
-[218]- إلى ما نحن فيه؟ فأنطلقُ فآتى تحت العرش فأخرُّ ساجدًا لربي، ثم يفتحُ الله عليَّ من محامدِهِ وحسنِ الثناءِ عليه شيئًا لم يفتحهُ الله على أحدٍ قبلي، ثمَّ يقالُ: يا محمدٌ!
ارفع رأسك، سل تعط، واشفع تشفَّع، فأرفعُ رأسي فأقولُ: أمتي يا ربِّ، أمتي يا ربِّ، أمتي يا ربِّ، فيقالُ: يا محمدٌ! أدخلْ من أمتكَ من لا حسابَ عليهم من البابِ الأيمنِ من أبوابِ الجنةِ، وهم شركاءُ الناسِ فيما سوى ذلك من الأبواب، ثمَّ قالُ: والذي نفسي بيده إنَّ ما بين المصراعين من مصاريع الجنةِ كما بين مكةَ وهجرٍ، أو كما بين مكةَ وبصرى». (¬1)
¬_________
(¬1) البخاري (4712)، ومسلم (194)، والترمذي (2434).

الصفحة 216