أو عام الفتح، وكان المنسوخ معلومًا قبله.
ولا فرق بين أن يروي الناسخ والمنسوخ راوٍ واحد، أو راويان.
ولا يثبت التأخر إلا بطرق. مثل أن يقول الصحابي: «كان الحكم علينا كذا، ثم نسخ» لأنه ربما قاله عن اجتهاد.
ولا أن يكون مثبتًا في المصحف بعد الآخر، لأن السور والآيات، ليس إثباتها على ترتيب النزول، بل ربما قُدِّم وأُخِّر.
ولا أن يكون راويه من أحداث الصحابة، فقد ينقل الصبي عمن تقدمت صحبته، وقد ينقل الأكابر عن الأصاغر وبعكسه.
ولا أن يكون الراوي أسلم عام الفتح، إذ لعله في حالة كفره، ثم روى بعد إسلامه، أو سمع من سبق بالإسلام.
ولا أن يكون الراوي قد انقطعت صحبته، فربما يظن أن حديثه يتقدم على حديث من بقيت صحبته، وليس من ضرورة من تأخرت صحبته أن يكون حديثه متأخرًا عن وقت انقطاع صحبة غيره.
ولا أن يكون أحد الخبرين على وفق قضية العقل والبراءة الأصلية، فربما يظن تقدمه، ولا يلزم ذلك، كقوله -صلى الله عليه وسلم-: «لا وضوء مما مسته النار» (¬1) .
¬__________
(¬1) أخرجه الطبراني في " الكبير " بلفظ قريب منه من حديث أبي أمامة وفي سنده محمد بن سعيد المصلوب وهو كذاب كما قال الهيثمي في " المجمع " 1/252 ونسخ حديث " توضؤوا مما مست النار " الذي رواه مسلم 1/273، وأبو داود 1/79، والنسائي 1/105 ثابت بحديثين صحيحين، أولهما رواه أحمد في " المسند " رقم 2377 من حديث ابن إسحاق حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء قال: دخلت على ابن عباس -[152]- ببيت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم لغد يوم الجمعة، قال: وكانت ميمونة قد أوصت له به، فكان إذا صلى الجمعة بسط له فيه، ثم انصرف إليه، فجلس فيه للناس، قال: فسأله رجل وأنا أسمع عن الوضوء مما مست النار من الطعام؟ قال: فرفع ابن عباس يده إلى عينيه وقد كف بصره، فقال: بصر عيناي هاتان، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ لصلاة الظهر في بعض حجره، ثم دعا بلال إلى الصلاة، فنهض خارجاً، فلما وقف على باب الحجرة، لقيته هدية من خبز ولحم بعث بها إليه بعض أصحابه، قال: فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه، ووضعت لهم في الحجرة، قال فأكل وأكلوا معه، قال: ثم نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه إلى الصلاة، وما مس ولا أحد ممن كان معه ماء، قال: ثم صلى بهم، وكان ابن عباس إنما عقل من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم آخره.
والثاني حديث جابر، قال: كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار، وهو حديث صحيح أخرجه أبو داود 1/88، والنسائي 1/108، وابن الجارود رقم 24، والبيهقي 1/155، 156، كلهم من طريق شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر، عن جابر، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والنووي.