كتاب جامع الأصول (اسم الجزء: 1)

409 - (د ت س) عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -: أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: «البيِّعان بالخيار ما لم يتفرَّقا، إلا أن تكون صفْقَةَ خيارٍ، ولا يَحِلُّ أن يُفَارِقَ صاحبَهُ خشيةَ أن يَسْتَقِيلَه» . أخرجه الترمذي وأبوداود والنسائي (1) .
Sصفقة: أصل الصفق: ضرب اليد على اليد في البيع، ثم جعل عبارة عن العقد.
ما لم يتفرقا: قال الأزهري في قوله: «ما لم يتفرقا، وما لم يفترقا» ، -[578]- سئل أحمد بن يحيى - المعروف بثعلب - عن الفرق بين التَّفَرُّق والافتراق؟ فقال: أخبرني ابن الأعرابي عن المفضَّل قال: يقال: فرَقت بين الكلامين مخففًا فافترقا، وفرَّقت بين اثنين مشدَّدًا فتَفرَّقا، فجعل الافتراق في القول، والتفرُّق بالأبدان.
وقال الخطابي: اختلف الناس في التفرق الذي يصح بوجوده البيع، فقالت طائفة: هو التفرق بالأبدان، وإليه ذهب معظم الأئمة والفقهاء من الصحابة والتابعين والعلماء، وبه قال الشافعي، وأحمد، وقال أصحاب الرأي ومالك: إذا تعاقدا صح البيع.
قال الخطابي: وظاهر الحديث يشهد للقول الأول، فإن راوي الحديث عبد الله بن عمر، وفي الحديث أن ابن عمر كان إذا بايع رجلاً فأراد أن يتم البيع، مشى خطوات حتى يفارقه، قال: ولو كان تأويل الحديث على القول الثاني، لخلا الحديث من الفائدة، وسقط معناه؛ لأن العلم محيط أن المشتري ما لم يوجد منه قبول البيع، فهو بالخيار، وكذلك البائع خياره ثابت في ملكه قبل أن يعقد البيع، وهذا من العلم العام الذي قد استقر بيانه، والخبر الخاص إنما يروى في الحكم الخاص، والمتبايعان هما المتعاقدان، والبيع من الأسماء المشتقة من أسماء الفاعلين، ولا يقع حقيقة إلا بعد حصول الفعل منهم.
__________
(1) أبو داود رقم (3456) في البيوع والإجارة، باب في خيار المتبايعين، والترمذي رقم (1247) في البيوع، باب ما جاء في البيعين بالخيار ما لم يفترقا، والنسائي 7/251، 252 في البيوع، باب وجوب الخيار للمتبايعين قبل افتراقهما بأبدانهما، وحسنه الترمذي، وهو كما قال، وصححه ابن خزيمة.
Mأخرجه أحمد (2/183) (6721) قال: حدثنا حماد بن مَسْعَدة. وأبو داود (3456) قال: حدثنا قُتيبة بن سعيد، قال: حدثنا الليث. والترمذي (1247) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا الليث بن سعيد. والنسائي (7/251) قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد، قال: أنبأنا الليث.
كلاهما - حماد، والليث- عن ابن عجلان، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، فذكره.
قلت: إسناده حسن.

الصفحة 577