575 - (خ م د س) سعيد بن جبير - رحمه الله - قال: قلت لابن عباسٍ: أَلِمنْ قَتَلَ مؤْمناً مُتَعَمِّداً من تَوْبَةٍ؟ قال: لا (¬1) ، فَتَلوْتُ عليه هذه الآية التي في الفرقان {والَّذِينَ لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ التي حَرَّمَ الله إلّا بالحَقِّ ... } إلى آخر الآية، قال: هذه آية مكية، نسختها آية مدنية {ومن يَقْتُلْ مُؤمِناً مُتَعَمِّداً فجزاؤهُ جهنَّم} .
وفي رواية، قال: اخْتلَفَ أَهْلُ الكُوفَة في قَتْل المؤمن، فرحَلْتُ فِيه إلى ابن عبَّاسٍ، فقال: نزلت في آخر ما نزَل، ولم ينسخها شيء.
وفي أخرى، قال ابن عباس: نزلت هذه الآية بمكة {والَّذِينَ لا يدعُونَ -[96]- مَعَ الله إلهاً آخر} - إلى قوله -: {مُهَاناً} فقال المشركون: وما يغني عنا الإسلامُ وقد عدَلنا باللهِ، وقد قتلنا النَّفْسَ التي حرَّم الله، وأتينا الفواحش، فأنزل الله عز وجل {إلا مَنْ تَابَ وآمن وعَمِل عملاً صالحاً} ... إلى آخر الآية [الفرقان: 70] .
زاد في رواية: فأمَّا من دخل في الإسلام وعَقَلهُ، ثم قتل، فلا توبة له. هذه روايات البخاري ومسلم، ولهما روايات أُخر بنحو هذه.
وأخرجه أبو داود: أنَّ سعيد بن جبير سأل ابن عباسٍ؟ فقال: لما نزلت الآية التي في الفرقان - وذكر الحديث - نحو الرواية الأولى.
وله في أخرى: قال في هذه القصة: في الذين لا يدعون مع الله إلهاً آخرَ: أَهل الشرك، قال: ونزل {يا عِبَادِيَ الذين أَسرفوا على أَنفسهم} [الزمر: 53] .
وفي أخرى، قال: {ومن يقتل مؤمناً متعمِّداً} ما نسخها شيء.
وأخرجه النسائي مثل الرواية الأولى من روايات البخاري ومسلم.
وفي أخرى لهما وله، قال سعيد: أمرني عبد الرحمن بن أبْزَى أنْ أسأل ابن عباسٍ عن هاتين الآيتين؟ {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} فسألته، فقال: لم ينسخها شيء، وعن هذه الآية {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حَرَّم الله إلا بالحق} قال: نزلت في أهل -[97]- الشرك (¬2) .
S (عدلنا بالله) : أشركنا به، والعدل: الميل (¬3) .
(الفواحش) جمع فاحشة، وهي المعصية، وقيل: الزنا خاصة، والأصل فيها: الشيء المستقبح بين الناس.
¬__________
(¬1) قال النووي: قوله: لا، أي: لا توبة له، واحتج بقوله تعالى: {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها} . هذا هو المشهور عن ابن عباس، وروي عنه: أن له توبة، وجواز المغفرة له، لقوله تعالى: {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفوراً رحيماً} [النساء: 110] فهذه الرواية الثانية: هي مذهب جميع أهل السنة والصحابة والتابعين ومن بعدهم، وما روي عن بعض السلف مما يخالف هذا، محمول على التغليظ والتحذير من القتل، والتأكيد في المنع منه، وليس في هذه الآية - التي احتج بها ابن عباس - تصريح بأنه يخلد في النار، وإنما فيها جزاؤه، ولا يلزم منه أنه يجازى.
نقول: إن باب التوبة لم يغلق دون كل عاص، بل هو مفتوح لكل من قصده ورام الدخول فيه، وإذا كان الشرك – وهو أعظم الذنوب وأشدها – تمحوه التوبة إلى الله تعالى، ويقبل من صاحبه الخروج منه، والدخول في باب التوبة، فكيف بما دونه من المعاصي التي من جملتها القتل عمداً؟!
(¬2) البخاري 7 / 127 في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب ما لقي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المشركين بمكة، وفي تفسير سورة النساء، باب {ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم} ، وفي تفسير سورة الفرقان، {والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر} ، وباب {يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً} ، وباب {إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً} ، ومسلم رقم (3023) في التفسير، وأبو داود رقم (4273 و 4274 و 4275) في الفتن، باب تعظيم قتل المؤمن، والنسائي 7 / 85 و 86 في تحريم الدم، باب تعظيم الدم.
(¬3) والعدل: المعادل والمساوي.
Mصحيح: أخرجه البخاري (5/57) قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا جرير وفي (6/138) قال حدثنا آدم قال حدثنا شعبة وفي (6/138) قال حدثنا سعد بن حفص، قال: حدثنا شيبان. وفي (6/139) قال: حدثنا عبدان، قال: أخبرنا أبي، عن شعبة، و «مسلم» (8/242) قال: حدثنا محمد ابن المثني، ومحمد بن بشار، قالا: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة. (ح) وحدثني هارون ابن عبد الله، قال: حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم الليثي، قال: حدثنا أبو معاوية - يعني شيبان -، و «أبو داود» (4273) قال: حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير، و «النسائي» (7/86) قال: أخبرنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد، قال: حدثنا شعبة.
ثلاثتهم - جرير بن عبد الحميد، وشعبة، وشيبان أبو معاوية -عن منصور بن المعتمر.
2- وأخرجه البخاري (6/59) قال: حدثنا آدم بن أبي إياس، قال: حدثنا شعبة. وفي (6/138) قال: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا غندر، وقال: حدثنا شعبة. و «مسلم» (8/241) قال: حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا شعبة. (ح) وحدثنا محمد بن المثني، وابن بشار، قالا: حدثنا محمد بن جعفر. (ح) وحدثنا ابن إبراهيم، قال: أخبرنا النضر، قالا جميعا: حدثنا شعبة. و «أبو داود» (4275) قال: حدثنا أحمد بن حنبل، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان. و «النسائى» (7/85) قال: أخبرني أزهر بن جميل البصري، قال: حدثا خالد بن الحارث، قال: حدثنا شعبة. كلاهما -شعبة، وسفيان - عن المغيرة بن النعمان.
3- وأخرجه البخاري (6/157) قال: حدثني إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا هشام بن يوسف. و «مسلم» (1/79) قال: حدثني محمد بن حاتم بن ميمون، وإبراهيم بن دينا، قال: حدثا حجاج- وهو ابن محمد -و «أبو داود» (4274) قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا حجاج و «النسائي (7/86) قال: أخبرنا الحسن بن محمد الزعفراني قال: ثنا حجاج بن محمد. كلاهما - هشام بن يوسف، وججاج - عن ابن جريج، قال: أخبرني يعلى بن مسلم.
4- وأخرجه البخاري (6/138) قال: حدثنا إبراهيم بن موسى، قال: أخبرنا هشام بن يوسف. و «مسلم» (8/242) قال: حدثني عبد الله بن هاشم، وعبد الرحمن بن بشر العبدي، قالا: حدثني يحيى - وهو ابن سعيد القطان - و «النسائي» (7/85) قال: أخبرنا عمرو بن علي، قال: حدثنا يحيى. وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (5599) عن الحسن بن محمد، عن حجاج بن محمد. ثلاثتهم - هشام، ويحيى، وحجاج - عن ابن جريج، قال: حدثني القاسم بن أبي بزة.
5-وأخرجه النسائى (7/86) قال: أخبرنا حاجب بن سليمان المنبجي قال: حدثنا ابن أبي رواد، قال: حدثنا ابن جريج، عن عبد الأعلى الثعلبي.
خمستهم - منصور، والمغيرة، ويعلي بن مسلم، والقاسم، وعبد الأعلى - عن سعيد بن حبير، فذكره.
(*) في رواية جريرعن منصور قال: حدثني سعيد بن جبير، أو قال حدثني الحكم عن سعيد بن جبير.