كتاب جامع الأصول (اسم الجزء: 3)

1956 - (خ د) أبو مسعود البدري - رضي الله عنه - أنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ مَمَّا أدْركَ النَّاسُ مِن كلامِ النُّبوَّةِ الأُولى: إذا لم تَسْتحِ فَافْعلْ مَا شِئْتَ» (¬1) . أخرجه البخاري وأبو داود. -[621]-
[وفي رواية ابن مسعود «فَاصْنَعْ» . أخرجه البخاري قبيل مناقب قريش] (¬2) .
S (إذا لم تستحِ فاصنع ما شئت) : هذا الكلام له تأويلان.
أحدهما: ظاهر، وهو المشهور، ومعناه: إذا لم تستح من العيب ولم تخش العار مما تفعله، فافعل ما تحدثك نفسك من أغراضها، سواء كان حسناً أو قبيحاً، وهذا لفظه أمر، ومعناه: توبيخ وتهديد.
والوجه الثاني: تقول: إذا كنت في فعلك آمناً أن تستحي منها. فاصنع منها ما شئت، كأنه قال: إذا كنت في أفعالك جارياً على سنن الصواب فافعل منها ما شئت، والمراد بقوله: «إن هذا مما بقي من كلام النبوة الأولى» ، يعني أن الحياء لم يزل مستحسناً في شرائع الأنبياء الأولين، وأنه لم يرفع ولم ينسخ في جملة ما نسخ الله من شرائعهم.
¬__________
(¬1) قال الخطابي: الأمر للتهديد، نحو قوله تعالى {اعملوا ما شئتم} يعني: فإن الله يجزيكم، أو أراد به: افعل ما شئت لا تستحي منه، أي: لا تفعل ما تستحي منه، أو الأمر بمعنى الخبر، أي: إذا لم يكن حياء يمنعك من القبيح صنعت ما شئت.
(¬2) أخرجه البخاري 10 / 434 في الأدب، باب إذا لم تستح فاصنع ما شئت، وفي الأنبياء، باب ما ذكر عن بني إسرائيل، وأبو داود رقم (4797) في الأدب، باب ما جاء في الحياء، وأخرجه أيضاً ابن ماجة رقم (4183) في الزهد، باب الحياء.
Mصحيح: أخرجه أحمد (4/121 و 122) قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة. وفي (4/121) قال: حدثنا روح، قال: حدثنا شعبة، والثوري. وفي (4/122) قال: حدثنا عبد الرحمن، عن سفيان. وفي (5/273) قال: حدثنا يحيى، عن سفيان، والبخاري (4/215 و 8/35) . وفي «الأدب المفرد» (597) قال: حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا زهير. وفي (4/215) قال: حدثنا آدم، قال: حدثنا شعبة، وأبو داود (4797) قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة، قال: حدثنا شعبة. وابن ماجة (4183) قال: حدثنا عمرو بن رافع، قال: حدثنا جرير.
أربعتهم (شعبة، وسفيان الثوري، وزهير، وجرير) عن منصور، قال: سمعت ربعي بن خراش، فذكره.
* جاء في «مسند أحمد» (5/273) قال ابن مالك: حدثنا الفضل بن الحباب، قال: حدثنا القعنبي، قال: حدثنا شعبة، قال: حدثنا منصور، عن ربعي، عن أبي مسعود، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت» .
وابن مالك هذا هو «القطيعي» ، أحمد بن جعفر بن حمدان. واسم حمدان، أحمد بن مالك بن شبيب البغدادي، راوي المسند عن عبد الله بن أحمد بن حنبل. وهذا الإسناد من زياداته القليلة في المسند.

الصفحة 620