كتاب جامع الأصول (اسم الجزء: 4)

2077 - (خ) أنس بن مالك - رضي الله عنه -: «أَنَّهُ سَمِعَ خطبةَ عمر بن الخطاب الآخرَةَ، حين جلسَ على منبرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وذلك الغَدَ من يوم تُوفِّي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، فَتَشهَّدَ، وأبو بكر صامتٌ لا يتكلَّمُ، ثم قال عمرُ: أما بعدُ، فإني قلتُ لكم أمسٍ مَقَالَة، وإنها لم تكن كما قلتُ، وإني والله ما وَجدتُ المقالةَ التي قلتُ لكم في كتاب أنزله الله، ولا في عَهدٍ عَهِدَهُ [إِليَّ] رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، ولكني أرجو أن يعيشَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، حتى يَدْبُرَنا -[102]- يُريدُ: أن يكونَ آخرَهُم - وإن يكن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- قد مات، فإن الله جعلَ بين أظْهُرِكم نوراً تَهْتَدونَ به، بِهِ هَدى الله محمداً - صلى الله عليه وسلم-، فَاعتصِموا بِهِ تَهتَدُوا بما هَدَى الله به محمداً، وإن أبا بكرٍ صاحبُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم-، وثَانِيَ اثنَينِ، وإِنه أَولَى الناسِ بأُمورِكم، فقوموا إليه فبايِعوهُ، وكانت طائفةٌ منهم قد بايَعوه قبل ذلك في سقيفةِ بني ساعدة، وكانت بيعةُ العامَّةِ عند المنبر» (¬1) .
وفي رواية قال الزهري: قال لي أنس بن مالك: إِنَّهُ رأى عمرَ يُزْعِجُ أبا بكر على المنبر إزعاجاً (¬2) .
قال الزهري: وأخبرني سعيدُ بن المُسَيَّب: أن عمرَ بن الخطاب قال: والله ما هو إلا أن تَلاها أبو بكر - يعني قولَه: {وَما مُحمَّدٌ إلا رسولٌ قد خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} [آل عمران: 144] عَقِرْتُ وأنا قَائِمٌ، حتى خَرَرتُ إلى الأرضِ، وأيقَنْتُ أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم- قد مَات. أخرجه البخاري (¬3) . -[103]-
وذكر رزين في كتابه: قال أنس: سمعتُ عمرَ يقول لأبي بكر يومئذٍ: اصعَدِ المنبر، فَلَم يَزَلْ به حتى صَعِدَ المنبر، فبايَعهُ الناسُ عامَّة (¬4) ، وَخَطَبَ أبو بكر في اليوم الثالث، فقال: - بعد أن حمد الله وصلى على رسوله -: أما بعدُ، أيها الناس، إن الذي رأيتم مني لم يكن حرصاً على ولايَتكم، لكني خِفْتُ الفِتْنَةَ والاختلافَ، وقد رَدَدْتُ أَمْركُمْ إليكم، فَوَلُّوا مَنْ شِئْتم، فقالوا: لا نُقِيلُكَ.
S (يدبرنا) : دبرت الرجل أدبره: إذا اتبعته وكنت خلفه في أيِّ معنى كان.
(يزعجه) : أي ينهضه بسرعة.
(عقرت) : أي دهشت بكسر القاف وأصله في الرجل تُسْلِمه قوائمه فلا يستطيع أن يقاتل من الخوف والدهش.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري 13 / 179 و 180 في الأحكام، باب في الاستخلاف، وفي الاعتصام في فاتحته.
(¬2) هذه الرواية المعلقة لم نجدها في البخاري، ولعلها من زيادات الحميدي، وقال الحافظ في " الفتح ": في رواية عبد الرزاق عن معمر عند الإسماعيلي: لقد رأيت عمر يزعج أبا بكر إلى المنبر إزعاجاً.
(¬3) هذه الرواية المعلقة رواها البخاري 8 / 111 في المغازي، باب مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته، وقول الله تعالى: {إنك ميت وإنهم ميتون} ، قال الحافظ في " الفتح ": وأثر ابن المسيب عن عمر هذا أهمله المزي في الأطراف، مع أنه على شرطه.
(¬4) هذه الرواية التي ذكرها المصنف من رواية رزين هنا، هي في البخاري معلقة 13 / 180 في الأحكام، باب الاستخلاف، قال الحافظ في " الفتح ": هو موصول بالإسناد المذكور، وقد أخرجه الإسماعيلي مختصراً من طريق عبد الرزاق عن معمر.
Mصحيح: أخرجه البخاري في الأحكام (13/179) عن إبراهيم بن موسى عن هشام بن يوسف عن معمر عن الزهري عن أنس، فذكره.
وفي الاعتصام عن يحيى بن بكير، عن ليث عن عقيل عن الزهري عن أنس، فذكره.

الصفحة 101