كتاب جامع الأصول (اسم الجزء: 4)

2080 - () عائشة - رضي الله عنها -: قالت: نَحَلَني أبي جَادَّ عِشْرينَ وَسْقاً مِن مَالِهِ بِالْغَابَةِ، فَلَما حَضرْتهُ الوفَاةُ قال لها: واللهِ يا بُنيَّةُ، ما مِنَ -[109]- الناسِ أحدٌ أحَبُّ إِليَّ غنى بَعدي مِنْكِ، ولا أعزُّ عليَّ فقداً بَعْدي مِنْكِ، وإني كنتُ نَحْلتُكِ جَادَّ عِشْرينَ وسقاً، فَلو كُنتِ جَدَدْتِيهِ وَاحْتَزْتِيهِ كانَ لَكِ، وَإنَّمَا هُوَ الآنَ مَالُ وارِثٍ، وإنما هو أَخَوَاكِ، وَأُخْتَاكِ، فَاقْتَسِمُوهُ على كِتَابِ اللهِ تعالى، قالت: يا أَبتِ، إنما هِيَ أَسماءُ، فَمَن الأُخرى؟ قال: ذُو بَطْن بنْتِ خَارجَةَ، أُرَاهَا جَارِية - وروي: أُرِيتُها جارية - ثم أوصى أن تَغسِلَهُ امْرَأَتُهُ (¬1) .
زاد في رواية: ثُمَّ دَعَا عُمرَ فقالَ: إِنِّي مُستَخلِفُكَ على أصحابِ رسولِ الله -صلى الله عليه وسلم- يا عمرُ: إنما ثَقُلَتْ مَوازينُ مَنْ ثَقُلَتْ موازينُهُ يومَ القيامَةِ باتِّباعِهِمُ الْحَقَّ، وَثِقَلِهِ عليهم، وحُقَّ لميزانٍ لا يوضَعُ فيه إلا الحَقُّ أنْ يكونَ ثَقيلاً، يا عمرُ، وإنما خَفَّت موازين من خَفَّتْ موازينه يومَ القيامة باتِّباعِهِمُ الباطلَ، وخِفَّتِهِ عليهم، وَحُقَّ لميزان لا يَوضَعُ فيه سوى الباطلِ أن يكون خَفيفاً، وكتَبَ إِلى أُمرَاءِ الأجنَادِ: وَلَّيْتُ عليكم عمرَ ولم آلُ نَفْسِي وَلا المُسْلِمين خيراً، ثم مَاتَ وَدُفِنَ لَيْلاً، ثم قام عمرُ في النَّاسِ خَطيباً، ثم قَالَ - بعد أن حَمِدَ الله -: «أيُّها النَّاسُ، إني لا أُعْلِمُكم مِنْ نَفسي شيئاً تَجْهَلُونَهُ، أنا عمرُ، ولم أحرِصْ على أمرِكم، ولكن المتوفَّى أوصى بذلك، واللهُ ألهَمَهُ ذلك، وليسَ أجعَل أمانتي إلى أحدٍ ليسَ لها بأهلٍ، ولكن أَجعلُها إلى من تكون -[110]- رَغْبَتُهُ في التوقِيرِ للمسلمين، أولئك أحَقُّ بهم مِمَّنْ سِواهُم» أخرجه (¬2) .
S (نحلني) : النحلة: العطية والهبة.
(جاد عشرين) : الجاد: نخل يجد منه أي: يقطع من ثمرته - مقدار معلوم، والوسق: ستون صاعاً، والصاع: خمسة أرطال وثلث بالعراقي، أو ثمانية أرطال، على اختلاف المذهبين.
ومعنى الحديث: أن أبا بكر رضي الله عنه كان وهب عائشة في صحته نخلاً يجد من ثمرته في كل صرام عشرون وسقاً، ولم يكن أقبضها ما وهبها، فلما مرض أعلمها أن ورثته شركاؤها فيه.
¬__________
(¬1) أخرجه الموطأ 2 / 752 في الأقضية، باب ما لا يجوز من النحل، وإسناده صحيح.
(¬2) كذا في الأصل بياض بعد قوله: أخرجه، ولم أجده بهذا اللفظ.
Mهذا الأثر من زيادات رزين.

الصفحة 108