كتاب جامع الأصول (اسم الجزء: 4)

2083 - (ط) سعيد بن المسيب - رحمه الله - قال: «لَمَّا صَدَرَ عمرُ بنُ الخطاب من مِنى أَناخَ بالأبطحِ، ثم كوَّمَ كَوْمَة من بطحَاءَ، ثم طَرَحَ عليها رِدَاءهُ، ثم استَلْقى، ومَدَّ يَديهِ إِلى السماءِ، فقال: اللَّهمَّ كَبِرَتْ سِني، وَضَعُفَتْ قُوَّتي، وانتَشرَتْ رَعيَّتي، فَاقبضني إليك غيرَ مُضيِّعٍ، ولا مُفرِّطٍ، ثم قَدِمَ المَدينةَ في عَقِبِ ذي الحِجَّةِ، فَخَطَبَ الناسَ فقال: أَيها الناسُ، قد سُنَّتْ لكم السُّننُ، وفُرِضَتْ لكم الفرائضُ، وتُرِكتُمْ على الواضِحَةِ، لَيلُها كَنَهَارِها، وَصَفَقَ إحدى يَدَيْه على الأخرى، وقال: إلا أن تَضِلُّوا بالناس يميناً وشمالاً، ثم قال: إياكم أنْ تَهْلِكُوا عن آيةِ الرَّجمِ، أَن يقولَ قائلٌ: لا نَجِدُ حَدَّيْنِ في كتاب الله، فقد رَجَمَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ورَجَمْنا، والذي نفسي بِيَدِهِ، لولا أن يقولَ الناسُ: زاد ابنُ الخطاب في كتاب الله لَكتبتُها (¬1) : {الشَّيخُ والشَّيخَةُ فَارجُموهما ألبَتَّةَ} فإنا قد قَرأنَاها» (¬2) . -[117]-
قال ابن المسيب: فما انسلخ ذو الحِجَّة حتى قُتلَ عُمرُ (¬3) .
قال مالك: قوله: {الشَّيخُ والشَّيخَةُ} يعني: الثَّيِّبُ والثَّيِّبَةُ (¬4) . أخرجه الموطأ.
¬__________
(¬1) مراد عمر رضي الله عنه: المبالغة والحث على العمل بالرجم، لأن معنى الآية باق وإن نسخ لفظها، إذ لا يسع مثل عمر رضي الله عنه مع مزيد فقهه تجويز كتبها مع نسخ لفظها.
(¬2) ثم نسخ لفظها وبقي حكمها، بدليل أنه صلى الله عليه وسلم رجم ورجم الصحابة بعده ولم ينكر عليهم أحد.
(¬3) 2 / 824 في الحدود، باب ما جاء في الرجم، وإسناده صحيح، قال الزرقاني في " شرح الموطأ ": رواية سعيد (يعني ابن المسيب) عن عمر تجري مجرى المتصل لأنه رآه، وقد صحح بعض العلماء سماعه منه، قاله أبو عمر، يعني ابن عبد البر.
(¬4) أي المحصن والمحصنة وإن كانا شابين.
Mأخرجه مالك (1601) عن يحيى بن سعيد بن المسيب، أنه سمعه يقول، فذكره.
قال الإمام الزرقاني: رواية سعيد عن عمر تجري مجرى المتصل، لأنه رآه وقد صحح بعض العلماء سمعه منه - نقلا عن أبي عمر.
قلت: وفي هذا نظر، والله أعلم.

الصفحة 116