كتاب جامع الأصول (اسم الجزء: 4)

2011 - (خ م ت) : أبو هريرة - رضي الله عنه -: قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-: «لَيْلَةَ أُسْريَ بي لَقيتُ مُوسَى عليه السلام، قال: فَنَعَتَهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-، فإذا رَجُلٌ - حَسِبْتهُ قال: مُضطَرِبٌ -[رَجِلُ] الرَّأْسِ، كأنَّهُ من رِجالِ شَنُوءةَ، قال: وَلقيتُ عِيسى، فَنَعَتهُ النبي- صلى الله عليه وسلم- فقال: رَبْعةٌ أحمرُ، كأنَّما خَرَجَ مِنْ دِيماسٍ - يعني: الحمَّامَ - ورأيتُ إبراهيم، وأنَا أَشْبَهُ وَلَدِهِ به، قال: وَأُتِيتُ بِإِنَاءَيْنِ أَحَدُهُما لَبَنٌ، والآخَرُ فِيهِ خَمْرٌ، فقيل لي: خُذْ أَيَّهُمَا شِئْتَ، فَأَخَذْتُ اللَّبَنَ فَشرِبتُهُ، فقال: هُدِيتَ الفِطْرَةَ - أو أَصَبتَ الفِطرةَ - أما إِنَّكَ لَوْ أَخَذتَ الخَمرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ» . -[37]-
وفي رواية نحوه، وفيه: «رأيتُ موسى، وإذا رَجُلٌ ضَرْبٌ (¬1) رَجِلٌ، كأنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءةَ» . هذه رواية البخاري، ومسلم، والترمذي.
وفي رواية لمسلم قال: قال رسولُ الله- صلى الله عليه وسلم-: «لَقَد رَأيتُني في الحِجْرِ، وَقُرَيشٌ تَسألُني عن مَسْرَايَ؟ فَسألَتْني عن أشياءَ من بَيتِ المقدس لم أُثبِتْهَا، فكُرِبْت كُرْبَة ما كُرِب مثلها قطُّ، قال: فَرَفَعهُ الله لي، أنْظرُ إليه، ما يَسألُوني عن شيءٍ إِلا أَنْبَأتُهم بِهِ، ولقد رَأيتُني في جماعةٍ من الأنبياء، فإذا موسى قائم يصلي، فإذا رجل ضَرْبٌ جَعْدٌ كأنَّه من رجال شَنُوءةَ، وإذا عيسى بنُ مريمَ قائم يُصلِّي، أقرب الناسِ به شَبهاً عُروَةُ بنُ مسعودٍ الثقفيُّ، وإذا إبراهيم عليه السلام قائم يُصلِّي، أَشْبهُ النَّاسِ به: صَاحِبُكم - يعني نَفسَهُ - فَحَانَتِ الصلاةُ فَأَمَمتُهُم، فَلمَّا فَرَغْتُ من الصلاةِ قال قائلٌ: يا مُحَمَّدُ هذا مالكٌ خَازِنُ النَّارِ، فَسَلِّمْ عليه، فَالتَفَتُّ إليه، فَبَدَأني بالسلام» .
رأيت الحميديَّ قد جعل هذه الرواية الآخرة في أفراد مسلم، والتي قبلها -[38]- في المتفق عليه، ومعناهما واحد، وإن كان في الآخرة زيادة ليست في الأولى، لكن عادته أن يجمع الروايات في موضع واحد، ولذلك قد أضفناها نحن إلى الرواية الأولى (¬2) .
S (مضطرب) : رجل مضطرب الخلقة، يجوز أن يريد به: أنه غير متناسب الخلقة. وأن أعضاءه متباينة، لكنه قال في حديث آخر في صفة موسى عليه السلام: «إنه ضرب من الرجال» والضرب: الرقيق، فيجوز على هذا أن يكون قوله: «مضطرب» أنه مفتعل من الضرب، أي: أنه مستدق، والله أعلم.
(دِيمَاس) : الديماس في اللغة: الظلمة، ويسمى الكن ديماساً، والسرب ديماساً، وقد جاء في بعض طرق الحديث مفسراً بالحمَّام، ولم أره في اللغة، وقال الجوهري في كتاب «الصحاح» في تفسير الحديث إنه أراد به: الكن، وكذلك قال الهروي: أراد به الكن أو السرب.
(الفطرة) : الخلقة: والفطرة: الإسلام. -[39]-
(غوت) : الغي: الضلال، وهو ضد الرشاد.
¬__________
(¬1) قال النووي في " شرح مسلم ": هو بإسكان الراء. قال القاضي عياض: هو الرجل بين الرجلين في كثرة اللحم وقلته، قال القاضي: لكن ذكر البخاري فيه من بعض الروايات " مضطرب " وهو الطويل غير الشديد، وهو ضد جعد اللحم مكتنزه، ولكن يحتمل أن الرواية الأولى أصح، يعني رواية " ضرب " لقوله في الرواية الأخرى " حسبته قال: مضطرب " فقد ضعفت هذه الرواية للشك، ومخالفة الأخرى التي لا شك فيها، وفي الرواية الأخرى " جسيم سبط " وهذا يرجع إلى الطويل، ولا يتأول جسيم بمعنى: سمين، لأنه ضد " ضرب " وهذا إنما جاء في صفة الدجال، هذا كلام القاضي، وهذا الذي قاله من تضعيف رواية " مضطرب " وأنها مخالفة لرواية " ضرب " لا يوافق عليه، فإنه لا مخالفة بينهما، فقد قال أهل اللغة: الضرب: هو الرجل الخفيف اللحم، كما قاله ابن السكيت في " الإصلاح " وصاحب " المجمل " والزبيدي والجوهري، وآخرون لا يحصون والله أعلم.
(¬2) البخاري 6 / 307 في الأنبياء، باب قول الله تعالى: {هل أتاك حديث موسى} ، {وكلم الله موسى تكليماً} ، وباب قول الله تعالى: {واذكر في الكتاب مريم} ، وفي تفسير سورة بني إسرائيل، باب قوله تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً} ، وفي الأشربة في فاتحته، وباب شرب اللبن، ومسلم رقم (168) في الإيمان، باب الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم، والترمذي رقم (3829) في التفسير، باب ومن سورة بني إسرائيل، وأخرجه أيضاً أحمد في " المسند " 2 / 282.
Mصحيح: أخرجه أحمد (2/281) قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: حدثنا معمر. (ح) وعبد الأعلى، عن معمر. وفي (2/512) قال: حدثنا روح. وقال: حدثنا صالح بن أبي الأخضر. و «الدارمي» (2094) قال: أخبرنا الحكم بن نافع. قال: حدثنا شعيب. و «البخاري» (4/1786، 202) قال حدثنا إبراهيم ابن موسى. قال: أخبرنا هشام بن يوسف. قال: أخبرنا معمر. وفي (43/202) قال: حدثني محمود. قال: حدثنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر. وفي (6/104، 7/140) قال: حدثنا عبدان. قال: حدثنا عبد الله. قال: أخبرنا يونس. وفي (6/104) قال: حدثنا أحمد بن صالح. قال: حدثنا عنبسة. قال: حدثنا يونس. في (7/135) قال: حدثنا أبو اليمان. قال: أخبرنا شعيب. و «مسلم» (1/106) قال: حدثني محمد بن رافع وعبد بن حميد. قال ابن رافع: حدثنا. وقال عبد: أخبرنا عبد الرزاق. قال: أخبرنا معمر. وفي (6/104) قال: حدثنا محمد بن عباد وزهير بن حرب. قالا: حدثنا أبو صفوان. قال: أخبرنا يونس. (ح) وحدثني سلمة بن شبيب. قال: حدثنا الحسن ابن أعين. قال: حدثنا معقل، والترمذي» (3130) قال: حدثنا محمود بن غيلان. قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر. «النسائي» (8/312) قال: أخبرنا سويد. وقال: أنبأنا عبد الله، عن يونس. وفي الكبرى «تحفة الأشراف» (10/13204) عن محمد بن عامر المصيصي، عن منصور بن سلمة. (ح) وعن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن شعيب بن الليث. كلاهما عن الليث عن ابن الهاد، عن عبد الوهاب بن أبي بكر. وفي (10/13255) عن كثير بن عبيد المذحجي ومحمد بن صدقة الجبلاني. كلاهما عن محمد بن حرب. عن الزبيدي.
سبعتهم - معمر، وصالح، وشعيب، ويونس، ومعقل بن عبد الله، وعبد الوهاب بن أبي بكر، ومحمد بن الوليد الزبيدي - عن ابن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب، فذكره.
والرواية الثانية: أخرجها أحمد (2/528) . ومسلم (1/108) ، والنسائي في الكبرى (تحفة الأشراف) (10/14965) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، فذكره.

الصفحة 36