8385 - (خ د ت) عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - قال: «جاء هلال ابن أمية - وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم - من أرضه عِشاء، فوجد عند أهله رَجُلاً، فرأى بعينيه، وسمع بأُذنيه، فلم يَهِجْه حتى أصبح، ثم غدا على رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، فقال: يا رسولَ الله، إني جئت أهلي عِشاء، فوجدت عندهم رجلاً، فرأيت بعينيَّ، وسمعت بأذنيَّ، فكره رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- ما جاء به، واشتد عليه، فنزلت {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداءُ إلا أنفسُهم فشهادةُ أحدهم أربعُ شهادات بالله إنه لمن الصادقين} - إلى قوله - {والخامسةَ أنَّ غضب الله عليها إن كان من الصادقين} [النور: 6 - 9] فَسُرِّيَ عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم- فقال: أبشر يا هلال، قد جعل الله لك فرجاً ومخرجاً، قال هلال: قد كنت أرجو ذلك من ربي تعالى، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: أرسلوا إليها، فجاءت، فتلاها عليهما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-، وذكّرهما، وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا، وقال هلال: والله لقد صَدَقْتُ عليها، فقالت: كذب، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: لاعِنُوا بينهما، [فقيل لهلال: اشهد] فشهد هلال أربعَ شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فلما كانت الخامسة، قيل -[722]- له: يا هلال اتَّق الله، فإن عذاب الدنيا أهونُ من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فقال: والله لا يعذِّبني الله عليها، كما لم يُجَلِّدْني عليها، فشهد الخامسة: أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم قيل لها: اشهدي، فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، فلما كانت الخامسة قيل لها: اتقي الله، فإن عذاب الدنيا أهْوَنُ من عذاب الآخرة، وإن هذه الموجبة التي توجب عليكِ العذاب، فتلكَّأتْ ساعة، ثم قالت: والله لا أفضح قومي، فشهدت الخامسة: أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ففرَّق رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- بينهما، وقضى أن لا يُدْعَى ولدها لأبٍ، ولا تُرمَى، ولا يُرمَى ولدُها، ومَنْ رماها [أ] ورمى ولدها، فعليه الحدُّ، وقضى أن لا بيت عليه لها، ولا قُوتَ، من أجل أنهما يتفرَّقان من غير طلاق، ولا مُتَوفَّى عنها، وقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: إن جاءت به أُصَيْهب، أُريصِح، أُثَيبِج، ناتئ الأليتين (¬1) حَمْشَ الساقين، فهو لهلال، وإن جاءت به أورقَ جَعْداً جُماليّاً، خَدَلَّجَ الساقين، سابغ الأليتين، فهو للذي رُمِيتْ به، فجاءت به أورقَ جعداً جُمالياً خدلّج الساقين، سابغ الأليتين، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: لولا الأيْمان لكان لي ولها شأن، وقال عكرمة: فكان ولدُها بعد ذلك أميراً على مصر، وما يدعى لأبٍ» .
وفي رواية: «أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- بشريك -[723]- ابن سَحْماء، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم-: البيِّنةَ، أو حَدٌّ في ظهرك، فقال: يا رسولَ الله إذا رأى أحدُنا رجلاً على امرأته يلتمس البينةَ؟ فجعل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- يقول: البينةَ، وإلا فحدٌّ في ظهرك، فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، ولَيُنزِلنَّ اللهُ في أمري ما يبرِّئ ظهري من الحدِّ، فنزلت {والذين يرمون أزواجَهم ولم يكن لهم شهداءُ إلا أنفسُهم} فقرأ حتى بلغ {من الصادقين} فانصرف النبي - صلى الله عليه وسلم-، فأرسل إليهما، فجاءا، فقام هلال بن أمية، فشهد والنبي - صلى الله عليه وسلم- يقول: إنَّ الله يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما من تائب؟ ثم قامت، فشهدت، فلما كانت عند الخامسة {أنَّ غضب الله عليها إن كان من الصادقين} قالوا لها: إنها موجبة، قال ابن عباس: فتلكَّأت ونكصت، حتى ظننا أنها سترجع، فقالت: لا أفضح قومي سائر اليوم، فمضت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: أبصِروها فإن جاءت به أكحل العينين، سابغ الأليتين، خدَلّج الساقين، فهو لشريك بن سحماء، فجاءت به كذلك، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم-: لولا ما مضى من كتاب الله، لكان لي ولها شأن» أخرجه أبو داود.
وأخرج البخاري والترمذي الرواية الثانية (¬2) .
-[724]-
S (فلم يَهِجْه) لم يَهِجْهُ، أي: لم يزعجْه، ولم ينفِّره لئلا يَهْرُبَ.
(أُصَيهب) تصغير الأصهب، وهو الأشقر، والأصهب من الإبل: هو الذي يخالط بياضه حمرة.
(أُرَيصح) الأُريصح - بالصاد والحاء المهملتين - تصغير الأرصح، وهو الخفيف لحم الأليتين والفخذين، وهو في الأصل بالسين، فأبدلت صاداً، وربما كان تصغير الأرصع، وهو بمعناه، هكذا قال الخطابي، وهذا من عجيب الإبدال، فإن الأصل في الكلمة: إنما هو " الأرسح " بالسين والحاء، و " الأرصح " لغة في " الأرسح " فيكون على هذا التقدير: قد أبدلت السين صاداً، والعين حاء.
(أُثَيبج) الأُثيبج: تصغير الأَثبج، وهو الناتئُ الثبج، وهو مابين الكتفين، وإنما جاء بهذه الألفاظ مصغرة، لكونها صفة لمولود.
(أَوْرَق) الوُرْقة في الألوان: السمرة.
(جمالياً) الجُماليُّ: العظيم الخِلْقَة، كأنه الجمل في القدِّ.
(خَدَلَّج) الخَدلَّج: الضخم.
(نَكَصَتْ) النُّكوص: الرجوع إلى خلف.
¬__________
(¬1) جملة " ناتئ الأليتين " ليست في نسخ أبي داود المطبوعة.
(¬2) رواه البخاري 9 / 392 في الطلاق، باب يبدأ الرجل بالتلاعن، وفي الشهادات، باب إذا ادعى أو قذف فله أن يلتمس البينة، وفي تفسير سورة النور، باب {ويدرؤ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين} ، وأبو داود رقم (2254) و (2255) و (2256) في الطلاق، باب في اللعان، والترمذي رقم (3178) في التفسير، باب ومن سورة النور، ورواه أيضاً الطيالسي رقم (2667) والطبري 18 / 65 و 66.
Mصحيح:
1- أخرجه أحمد (1/238) (2131) قال: حدثنا يزيد. وفي (1/245) (2199) قال: حدثنا محمد بن ربيعة. وأبو داود (2256) قال: حدثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا يزيد بن هاون.
كلاهما - يزيد، ومحمد بن ربيعة - قالا: حدثنا عباد بن منصور.
2- وأخرجه أحمد (1/273) (2468) قال: حدثنا حسين، قال: حدثنا جرير. والنسائي في فضائل الصحابة (122) قال: أخبرنا الحسن بن أحمد، قال: حدثنا أبو الربيع، قال: حدثنا حماد.
كلاهما - جرير، وحماد - عن أيوب.
3- وأخرجه البخاري (3/233) و (6/126) و (7/69) وأبو داود (2254) وابن ماجة (2067) والترمذي (3179) قالوا: حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا ابن أبي عدي، قال: حدثنا هشام بن حسان.
ثلاثتهم - عباد، وأيوب، وهشام - عن عكرمة، فذكره.
* الروايات مطولة ومختصرة.