كتاب جامع الأصول (اسم الجزء: 11)

الكتاب الثالث: في المدح
8515 - (د) مطرف [بن عبد الله بن الشخير] قال: قال أبي: «انطلقتُ في وفَدِ بني عامر إلى رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم-، فقلنا: أنتَ سَيِّدُنا؟ فقال: السيد الله، قلنا: وأفضلُنا فَضلاً، وأعظمُنا طَوْلاً، فقال: قولوا بقولكم، أو بعض قولكم، ولا يَستَجْرِيَنَّكم الشيَطان» أخرجه أبو داود (¬1) .
S (قولوا بقولكم ولا يستجرينَّكم الشيطان) الجَرِيُّ: الوكيل، يقال: جرَّيت جرِيّاً، واستجريت جرِيّاً، أي: اتخذت وكيلاً، ومعنى الحديث: يقول: تكلَّموا بما يحضركم من القول، ولا تَسجَعوا كأنما تنطقون على لسان الشيطان، وذلك: أن القوم كانوا مدحوه، فكره لهم المبالغة في المدح ونهاهم عن ذلك، وقوله: «لا يستهوينَّكم» أي: لا يستميلنَّكم ويضلنَّكم، وقيل: لا يذهبْ بكم.
¬__________
(¬1) رقم (4806) في الأدب، باب في كراهية التمادح، وإسناده صحيح.
Mإسناده صحيح:
1 - أخرجه أحمد (4/24) قال: حدثنا حجاج. وفي (4/25) قال: حدثنا محمد بن جعفر. (ح) وحجاج. والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (245) قال: أخبرنا محمد بن المثنى. قال: حدثنا محمد. كلاهما - حجاج، ومحمد بن جعفر - عن شعبة، عن قتادة.
2 - وأخرجه أحمد (4/225) قال: حدثنا سويد بن عمرو، وعبد الصمد. والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (246) قال: أخبرنا حرمي بن يونس بن محمد، قال: حدثنا أبي.
ثلاثتهم - سويد، وعبد الصمد، ويونس - عن مهدي بن ميمون، عن غيلان بن جرير.
3 - وأخرجه البخاري في «الأدب المفرد» (211) . وأبو داود (4806) قالا: حدثنا مسدد. والنسائي في «عمل اليوم والليلة» (247) قال: أخبرنا حميد بن مسعدة. كلاهما - مسدد، وحميد - عن بشر بن المفضل، عن أبي مسلمة سعيد بن يزيد، عن أبي نضرة.
ثلاثتهم - قتادة، وغيلان، وأبو نضرة - عن مطرف بن عبد الله بن الشخير، فذكره.
8516 - () أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: «إنَّ ناساً قالوا: -[50]- يا رسول الله، ويا خيرنا وابنَ خيرِنا، ويا سيدنا وابنَ سيدنا، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم-: السَّيِّد الله، قالوا: أنتَ أفضلُنا فضلاً، وأعظمُنا طَوْلاً، فقال: يا أيُّها الناس، عليكم بقولكم، ولا يَستهوينَّكم الشيطانُ، إني لا أريدُ أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلنيها الله تبارك وتعالى، أنا محمدُ بنُ عبد الله، عبدُ [الله] ورسولُه» أخرجه ... (¬1) .
S (السيد الله) يريد بقوله: «السيد الله» أن حقيقة السؤدد لله، وأن الخلق كلهم عبيد له، وإنما منعهم أن يدعوه سيداً مع قوله: «أنا سيد ولد آدم» وقوله يوم حكم بني قريظة: «قوموا إلى سيدكم» يريد سعد بن معاذ، من أجل أنهم حديثو عهدٍ بالإسلام، وكانوا يحسِبون أن السيادة بالنبوَّة هي كأسباب الدنيا، وكان لهم رؤوساء يعظِّمونهم، وينقادون لأمرهم، ويسمونهم السادات، فعلمهم الثناء عليه، وأرشدهم إلى الأدب في ذلك، فقال: «قولوا بقولكم» أي: قولوا بقول أهل دينكم وملَّتكم، وادعوني نبياً ورسولا، كما سماني الله عز وجل في كتابه، فقال: {يا أيها النبيُّ} و {يا أيها الرسول} ولا تسمُّوني سيداً، كما تسمون رؤساكم وعظماءكم، ولا تجعلوني مثلهم، فإني لست كأحدهم -[51]- إذ كانوا يسوِّدونكم في أسباب الدنيا، وأنا أسوِّدكم في النبوة والرسالة.
وقوله: " أو بعض قولكم " فيه حذف واختصار، ومعناه: دعوا بعض قولكم واتركوه، يريد بذلك: الاقتصاد في المقال.
¬__________
(¬1) كذا في الأصل بياض بعد قوله: أخرجه، وفي المطبوع: أخرجه رزين، وقد رواه أحمد في " المسند " 2 / 153، وإسناده صحيح، وهو بمعنى الذي قبله والذي بعده.
Mفي المطبوع أخرجه رزين. وأخرجه أحمد (3/153) قال: ثنا حسن بن موسى، ثنا حماد بن سلمة، عن ثابت البناني عن أنس، فذكره.

الصفحة 49