كتاب جامع الأصول (اسم الجزء: 12)

الفصل الثامن: أولاده - صلى الله عليه وسلم -
قد اختلف العلماء في عدة أولاد النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- من الذكور والإناث، فقال المكثرون: إنهم كانوا ثمانية، أربعة ذكور، وأربع إناث، وقال المقلُّون: إنَّ الإناث أربع، وأما الذكور فثلاثة.
ونحن نذكر ما قالوه إن شاء الله.
على أنهم أيضاً قد اختلفوا في أكبر أولاده وترتيب ولادتهم، وسنذكر ما قالوه عند الفراغ من ذِكرهم، مع إجماعهم على أن جميع أولاده من خديجة غير إبراهيم فإنه من مارية. وأما الذكور فأولهم:
القاسم
وبه كان يُكنى - صلى الله عليه وسلم-، وعاش سنتين ومات في الجاهلية بمكة قبل أن يُوحى إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم-.
والثاني:
عبد الله
ويقال: الطاهر، ولد بعد الوحي.
والثالث:
الطيب
ولد بعد الوحي، وقيل: إنَّ الطَّيِّبَ والطّاهر هو عبد الله، وأنهما لقبان له، وهؤلاء كُلّهم من خديجة.
والرابع إبراهيم
وهو من مارية القبطية سريته.
ولد بالمدينة في ذي الحجَّة سنة ثمان ومات في ذي الحِجَّة سنة عشر وله ست عشر شهراً، وقيل ثمانية عشر، ودفن بالبقيع. ويقال: إن وفاته كانت يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر.
وأما الإناث فهن أربع: زينب، ورُقَيَّة، وأمّ كُلْثُوم، وفاطمة.
أمَّا:
فاطمة - رضي الله عنها-
فإنَّ خديجة ولدتها وقُريش تبني البيت قبل النُّبُوة بخمس سنين، وقيل: ولدت سنة إحدى وأربعين من الفيل، وهي أصغر بناته في قول، وهي سيدة نساء العالمين.
تزوجها علي بن أبي طالب في السنة الثانية من الهجرة في شهر رمضان، وبنى عليها في ذي الحجَّة، وقيل: تزوجها في رجب، وقيل: في صفر، وقيل: تزوجها بعد غزوة أحد، فولدت له الحَسَن والحُسَين والمُحْسِن، وزَينب، وأمّ كُلْثُوم، ورُقَّيَّة.
وماتت بالمدينة بعد موت النبيِّ - صلى الله عليه وسلم- بستة أشهر، وقيل: بثلاث، ولها ثمان وعشرون سنة، وقيل: تسع وعشرون، وأهل البيت يقولون: ثماني عشرة، وغسلها عليّ رضي الله عنه وصلَّى عليها، ودُفنت ليلاً.
روى عنها علي بن أبي طالب، وابناها الحسن، والحسين، وابن عبَّاس، وابن مسعود، وعائشة، وأمّ سَلَمَة، وأسماء بنت عُميس.
وأمَّا
زينب
فإنَّ خديجة وَلَدتها في الجاهلية سنة ثلاثين من الفيل، وهي أكبر -[108]- بناته، وقيل: أكبر أولاده كلهم، وتزوَّجها ابن خالَتها أبو العَاص بن الرَّبيع، فلمّا أُسر زوجها يوم بدر وفادى نفسه وأُطلق، أخذ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- العهد أن ينفذها إليه إذا عاد إلى مكّة، ففعل، فجاءت مهاجرة إلى المدينة، وولدت من أبي العاص غلاماً يقال له: عليّ، وجارية يقال لها: أمامة. ولمّا أسلم أبو العاص وهاجر ردَّها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- إلى نكاحه بعقد جديد وقيل: بالنِّكاح الأول.
وماتت بالمدينة سنة ثمان، ونزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم- في قبرها.
وأمَّا:

الصفحة 107