كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 3)

وما مسَّه الحسابُ، قال: فمم ذاك يا أبا عبد الرحمان؟ قال: ممَّا يرى النَّاس يُصنَعُ بهم (¬1) .
وقال أبو موسى: الشَّمسُ فوق رؤوسِ النَّاس يومَ القيامة، فأعمالهم تُظِلُّهم أو تضحِيهم (¬2) .
وفي " المسند " (¬3) من حديث عُقبة بن عامرٍ مرفوعاً: ((كلُّ امرئٍ في ظلِّ صدقته حتّى يُفصَلَ بينَ الناسَ)) .
قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((ومن يسَّر على مُعسِرٍ، يسَّرَ الله عليه في الدُّنيا والآخرة)) . هذا أيضاً يدلُّ على أنَّ الإعسار قد يحصُل في الآخرة، وقد وصف الله يومَ القيامة بأنّه يومٌ عسير وأنّه على الكافرين غيرُ يسير، فدلَّ على أنَّه يسير على غيرهم، وقال:
{وَكَانَ يَوْماً عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيراً} (¬4) .
والتيسير على المعسر في الدنيا من جهة المال يكون بأحد أمرين: إمّا بإنظاره إلى الميسرة، وذلك واجبٌ، كما قال تعالى: {وَإنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} (¬5) ، وتارةً بالوضع عنه إن كان غريماً، وإلاّ فبإعطائه ما يزولُ به إعسارُه، وكلاهما له فضل عظيم.
وفي " الصحيحين " (¬6)
عن أبي هُريرة عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((كان تاجرٌ يُداينُ النَّاسَ، فإذا رأى معسراً، قال لصبيانه: تجاوزوا عنه، لعلَّ الله أنْ يتجاوزَ عنّا،
¬_________
(¬1) أخرجه: الطبري في " تفسيره " (15840) ، وطبعة التركي 13/733.
(¬2) أخرجه: هناد في " الزهد " (331) موقوفاً.
وذكره الدارقطني في " العلل " 7/248 س (1325) مرفوعاً، وقال: ((يرويه الأعمش، عن أبي ظبيان واختلف عنه فرفعه عبيد بن يعيش، عن أسباط، عن الأعمش، وقفَهُ أبو معاوية وأصحاب الأعمش، عن الأعمش، وهو الصواب)) .
(¬3) أحمد 4/147 - 148، وهو حديث صحيح.
(¬4) الفرقان: 26.
(¬5) البقرة: 280.
(¬6) صحيح البخاري 3/75 (2078) و4/214 (3480) ، وصحيح مسلم 5/33

(1562) (31) .

الصفحة 1008