كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)

فأمَّا الإسلامُ، فقد فسَّره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بأعمالِ الجوارح الظَّاهرة مِنَ القولِ والعملِ، وأوّلُ ذلك: شهادةُ أنْ لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً رسولُ الله، وهو عملُ اللسانِ، ثمّ إقامُ الصلاةِ، وإيتاءُ الزكاةِ، وصومُ رمضانَ، وحجُّ البيت من استطاع إليه سبيلاً.
وهي منقسمةٌ إلى عمل بدني: كالصَّلاة والصومِ، وإلى عمل ماليٍّ: وهو إيتاءُ الزَّكاةِ، وإلى ما هو مركَّبٌ منهما: كالحجِّ بالنسبة إلى البعيد عن مَكَّة.
وفي رواية ابنِ حبَّان أضاف إلى ذلك الاعتمارَ، والغُسْلَ مِنَ الجَنابةِ،
وإتمامَ الوُضوءِ، وفي هذا تنبيهٌ على أنَّ جميعَ الواجباتِ الظاهرةِ داخلةٌ في مسمّى الإسلامِ.
وإنَّما ذكرنا هاهنا أصولَ أعمالِ الإسلامِ التي ينبني عليها كما سيأتي شرح ذلك في حديث ابنِ عمرَ: ((بُنِيَ الإسلامُ على خَمسٍ)) في مَوضِعه إنْ شاءَ الله تعالى.
وقوله في بعض الرِّوايات: فإذا فعلتُ ذلك، فأنا مسلمٌ؟ قالَ: ((نعم))
يدلُّ على أنَّ مَنْ كَمَّلَ الإتيانَ بمباني الإسلام الخمسِ، صار مسلماً حقَّاً، مع أنَّ
مَنْ أقرَّ بالشهادتين، صار مسلماً حُكماً، فإذا دخل في الإسلام (¬1) بذلك،
أُلزم بالقِيام ببقيَّة خصالِ الإسلام، ومَنْ تركَ الشَّهادتين، خرج مِنَ الإسلام،
وفي خُروجِه مِنَ الإسلام بتركِ الصَّلاةِ خلافٌ مشهورٌ بينَ العُلماء، وكذلك في
ترك بقيَّة مباني الإسلام الخمس، كما سنذكُره في موضعه إن شاء الله تعالى (¬2) .
وممَّا يدل على أنَّ جميعَ الأعمالِ الظَّاهرةِ تدخُلُ في مسمَّى الإسلام قولُ النَّبيِّ
- صلى الله عليه وسلم -: ((المُسلم مَنْ سَلِمَ المُسلمُون من لِسانِه ويده)) (¬3) .
¬_________
(¬1) عبارة: ((فإذا دخل في الإسلام)) لم ترد في (ص) .
(¬2) سيأتي عند الحديث الثالث.
(¬3) أخرجه: الحميدي (595) ، وأحمد 2/192 و205 و212، والبخاري 1/9 (10) و8/127 (6484) وفي " الأدب المفرد "، له (1144) ، ومسلم 1/47 (40) (64) ، وأبو داود (2481) ، والنسائي 8/105، وابن حبان (196) و (230) و (399)
و (400) ، وابن منده في " الإيمان " (309) و (310) و (311) و (312) و (313) ، والقضاعي في " مسند الشهاب " (181) ، والبيهقي 10/187، والبغوي (12) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، به.
وأخرجه: أحمد 2/379، والترمذي (2627) ، والمروزي في " تعظيم قدر الصلاة "
(637) ، والنسائي 8/104 وفي " الكبرى "، له (11726) ، وابن حبان (180) ، والحاكم 1/10 من حديث أبي هريرة، به.

وأخرجه: أحمد 3/372، ومسلم 1/48 (41) (65) ، وابن حبان (197) ، وابن منده في " الإيمان " (314) ، والحاكم 1/10، والبيهقي 10/187 من حديث جابر بن
عبد الله، به.
وأخرجه: أحمد 6/21-22، وابن حبان (4862) ، والطبراني في " الكبير " 18/ (796) ، وابن منده في " الإيمان " (315) ، والحاكم 1/10-11، والبغوي (14) من حديث فضالة بن عبيد، به.
وأخرجه: البخاري 1/10 (11) ، ومسلم 1/48 (42) (66) ، والبغوي (13) من حديث أبي موسى، به.
وأخرجه: الحاكم 1/11 من حديث أنس بن مالك، به.

الصفحة 101