كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)

وكذلك تركُ المحرَّمات داخلٌ في مُسمَّى الإسلام أيضاً، كما رُوي عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((مِنْ حُسْنِ إسلامِ المَرءِ تركُهُ ما لا يعنيه)) ، وسيأتي في موضعه إنْ شاء الله تعالى (¬1) .
ويدلُّ على هذا أيضاً ما خرَّجه الإمامُ أحمدُ، والتِّرمذيُّ، والنَّسائيُّ مِنْ حديثِ العِرباضِ بنِ ساريةَ (¬2) ،
عنِ النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((ضربَ الله مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جَنَبتَي الصِّراط سُورانِ، فيهما أبوابٌ مفتَّحَةٌ، وعلى الأبوابِ ستورٌ مُرخاةٌ، وعلى بابِ الصِّراط داعٍ يقول: يا أيُّها النّاس، ادخُلوا الصِّراط جميعاً، ولا تعوجُّوا، وداعٍ يدعو من جَوفِ الصِّراطِ، فإذا أرادَ أنْ يفتحَ شيئاً من تلكَ الأبوابِ، قال: ويحكَ لا تَفتَحْهُ، فإنَّك إنْ تفتحه تَلِجْهُ. والصِّراطُ: الإسلامُ. والسُّورانِ: حدودُ اللهِ. والأبوابُ المُفتَّحةُ: محارمُ اللهِ، وذلك الدّاعي على رأس الصِّراط: كتابُ الله. والدّاعي من فوق: واعظُ اللهِ في قلب كلِّ مسلمٍ)) .
زاد التِّرمذيُّ: {وَاللهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ
مُسْتَقِيمٍ} (¬3) .
ففي هذا المثلِ الذي ضربه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنّ الإسلامَ هو الصِّراطُ المستقيم الذي أمرَ الله تعالى (¬4) بالاستقامةِ عليه، ونهى عن تجاوُزِ حدوده، وأنَّ مَنِ ارتكبَ شيئاً مِنَ المحرّماتِ، فقد تعدّى حدودَه.
¬_________
(¬1) عند الحديث الثاني عشر.
(¬2) هذا من حديث النواس بن سمعان، وليس العرباض بن سارية، وهو وهم من المصنف - رحمه الله -.

أخرجه: أحمد 4/182 و183، والترمذي (2859) ، والنسائي في " الكبرى " (11233) وفي " تفسيره " (253) ، والطبري في " تفسيره " 1/75، والطحاوي في " شرح المشكل " (2041) و (2143) ، والطبراني في " مسند الشاميين " (1147) و (2024) ، والآجري في " الشريعة ": 12 - 13، والحاكم 1/73 من طرق عن النواس بن سمعان، به، وقال الترمذي: ((حسن غريب)) .
(¬3) يونس: 25.
(¬4) زاد بعدها في (ص) : ((رسوله)) .

الصفحة 104