كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)

أئمةِ الإسلام (¬1) .
فإنْ قيل: فقدْ فرَّق النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث بينَ الإسلام والإيمانِ، وجعلَ الأعمالَ كلَّها من الإسلامِ، لا مِنَ الإيمانِ، والمشهورُ عنِ السَّلفِ وأهلِ الحديثِ أنَّ الإيمانَ: قولٌ وعملٌ ونيةٌ، وأنَّ الأعمالَ كلَّها داخلةٌ في مُسمَّى الإيمانِ (¬2) . وحكى الشافعيُّ على ذلك إجماعَ الصَّحابةِ والتَّابعين ومن بعدَهم ممَّن أدركهم (¬3) .
وأنكرَ السَّلفُ على مَنْ أخرجَ الأعمالَ عنِ الإيمانِ إنكاراً شديداً، وممَّن أنكرَ ذلك على قائله، وجعلَه قولاً مُحدَثاً: سعيدُ بنُ جبيرٍ، وميمونُ بنُ مِهرانَ، وقتادةُ، وأيُّوبُ السَّختيانيُّ، وإبراهيمُ النَّخعي (¬4) ، والزُّهريُّ، ويحيى بنُ أبي كثيرٍ، وغيرُهم. وقال الثَّوريُّ: هو رأيٌ محدَثٌ، أدركنا الناس على غيره. وقال الأوزاعيُّ: كان مَنْ مضى ممَّن سلف لا يُفَرِّقون بين الإيمان (¬5) والعمل (¬6) .
وكتب عمرُ بنُ عبد العزيز إلى أهل الأمصارِ: أمَّا بعدُ، فإنَّ للإيمانِ فرائضَ وشرائعَ وحدوداً وسنناً (¬7) ، فمن استكملَها، استكملَ الإيمانَ، ومن لم يَستكْمِلها، لم يستكملِ الإيمانَ، ذكره البخاري في " صحيحه " (¬8) .
قيل: الأمر على ما ذكره،
¬_________
(¬1) انظر: مجموعة الفتاوي لابن تيمية 7/241.
(¬2) انظر: الإيمان لابن تيمية: 231، ومختصر معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في علم التوحيد: 177.
(¬3) انظر: مختصر معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في علم التوحيد: 177.
(¬4) في (ص) : ((والنخعي)) فقط.
(¬5) في (ص) : ((لا يعرفون الإيمان)) .
(¬6) انظر: مختصر معارج القبول بشرح سلم الوصول إلى علم الأصول في علم التوحيد:
177-178.
(¬7) عبارة: ((وحدوداً وسنناً)) لم ترد في (ص) .
(¬8) 1/8 قبيل (8) تعليقاً، وقد وصله ابن أبي شيبة في المصنف (30962) طبعة الرشد.

الصفحة 107