كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)

أحمد " (¬1) عن عمرو بن عَبسة، قال: جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ما الإسلامُ؟ قال (¬2) : ((أنْ تُسْلِمَ قلبَكَ للهِ، وأنْ يسلمَ المسلمونَ مِنْ لِسَانِكَ ويَدكَ)) ، قال: فأي الإسلام أفضلُ؟ قال: ((الإيمان)) . قال: وما الإيمان؟ قال: ((أنْ تُؤْمِنَ باللهِ، وملائكته، وكُتبهِ، ورُسلِه، والبعثِ بعدَ الموتِ)) . قال: فأيُّ الإيمانِ أفضلُ؟ قال: ((الهِجْرَةُ)) . قال: فما الهجرةُ؟ قال: ((أن تَهجُر السُّوءَ)) ، قال: فأيُّ الهِجْرةِ أفضلُ؟ قال: ((الجهاد)) . فجعل النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الإيمانَ أفضلَ الإسلامِ، وأدخلَ فيه الأعمالَ.
وبهذا التَّفصيل يظهرُ تحقيقُ القولِ في مسألةِ الإسلامِ والإيمانِ: هل هما واحدٌ، أو هما مختلفان؟
فإنَّ أهلَ السُّنَّةِ والحديثِ مختلفون في ذلك، وصنَّفُوا في ذلك تصانيف متعددةً، فمنهم من يدَّعِي أنَّ جُمهورَ أهلِ السُّنَّةِ على أنَّهما شيءٌ واحدٌ (¬3) : منهم محمدُ بن نصرٍ المروزيُّ (¬4) ، وابنُ عبد البرِّ، وقد رُويَ هذا القولُ عنْ سفيانَ الثَّوريِّ مِنْ رواية أيُّوبَ بن سُويدٍ الرَّمليِّ عنه، وأيُّوب فيه ضعف.
¬_________
(¬1) 4/114.
وأخرجه: معمر في " جامعه " (20107) ، وعبد بن حميد (301) من حديث عمرو بن عبسة، به، وهو حديث صحيح.
(¬2) زاد بعدها في (ص) : ((رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) .
(¬3) انظر: الإيمان لابن تيمية 261 - 262.
(¬4) انظر: كلام المروزي في هذه المسألة في كتابه " تعظيم قدر الصلاة " عقب الحديث (568) . وانظر: الإيمان لابن تيمية: 282 و286، ومجموعة الفتاوى 7/225.

الصفحة 110