كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)
قال بكرٌ المزنيُّ: مَن مثلُك يا ابنَ آدم: خُلِّي بينَك وبينَ المحراب والماء، كلّما شئتَ دخلتَ على اللهِ - عز وجل - (¬1) ، ليس بينَكَ وبينَه ترجُمان (¬2) .
ومن وصل إلى استحضارِ هذا في حال ذكره الله وعبادته استأنسَ بالله، واستوحش مِنْ خلقه ضرورةً.
قال ثور بن يزيد: قرأتُ في بعضِ الكُتب: أنَّ عيسى - عليه السلام - قال: يا معشر الحواريِّين، كلِّموا الله كثيراً، وكلِّموا الناسَ قليلاً، قالوا: كيف نكلِّمُ الله كثيراً؟ قال: اخلُوا بمناجاته، اخلوا بدُعائه. خرَّجه أبو نعيم (¬3) .
وخرَّج أيضاً (¬4) بإسناده عن رياح، قال: كان عندنا رجلٌ يصلِّي كلَّ يومٍ وليلةٍ ألفَ ركعة، حتى أُقعِدَ من رجليه، فكان يصلِّي جالساً ألف ركعة، فإذا صلى العصر، احتبى، فاستقبل القبلةَ، ويقول: عجبتُ للخليقةِ كيف أَنِسَتْ بسواك، بل عجبتُ للخليقة كيف استنارت قلوبها بذكر سواكَ.
وقال أبو أسامة: دخلت على محمد بن النَّضر الحارثيِّ، فرأيتُه كأنَّه منقبضٌ، فقلت: كأنَّك تكره أنْ تُؤتى؟ قال: أجل (¬5) ، فقلت: أوَما تستوحشُ؟ فقال: كيف أستوحشُ وهو يقولُ: أنا جليسُ مَنْ ذكرني (¬6) .
¬_________
(¬1) زاد بعدها في (ص) : ((فإنه)) .
(¬2) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " 2/229.
(¬3) في " الحلية " 6/195.
(¬4) أبو نعيم في " الحلية " 6/195.
(¬5) في (ص) : ((نعم)) .
(¬6) أخرجه: البيهقي في " شُعب الإيمان " (709) .