كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)

وظاهرُ كلامه أنَّه يجب عليه أنْ يُواسِيهَ من فضل ما عندَه بما لا يضرُّ به إذا علم حاجته (¬1) .
قال المروذي: قلتُ لأبي عبد الله: إني أسمع السائل في الطريق يقول: إنِّي جائع، فقال: قد يَصدُق وقد يَكذِبُ. قلت: فإذا كان لي جار أعلم أنَّه يجوعُ؟ قال: تواسيه، قلت: إذا كان قوتي رغيفين؟ قال: تُطعمه شيئاً، ثم قال: الذي جاء في الحديث إنَّما هو الجارُ.
وقال المروذي: قلتُ لأبي عبد الله: الأغنياءُ يجبُ عليهمُ المواساة؟ قال: إذا كان قوم يضعون شيئاً على شيءٍ كيف لا يجبُ عليهم، قلت: إذا كان للرجل قميصان، أو قلت: جُبَّتان، يجب عليه المواساة؟ قال: إذا كان يحتاج إلى أنْ يكون فضلاً.
وهذا نصٌّ منه في وجوب المواساة من الفاضل، ولم يخصَّه بالجار، ونصُّه الأوَّل (¬2) يقتضي اختصاصه بالجار.
وقال في رواية ابن هانئ في السُّؤال يكذِبُون أحبُّ إلينا لو صدقوا ما وَسِعَنا إلا مواساتُهم، وهذا يدلُّ على وجوب مواساة الجائع مِنَ الجيران، وغيرهم.
وفي " الصحيح " عن أبي موسى، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((أطعِموا الجائع، وعُودُوا المريضَ، وفُكُّوا العاني)) (¬3) .
وفي " المسند " و" صحيح الحاكم " عن ابن عمرَ، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، قال
: ((أيُّما أهل عَرَصةٍ أصبحَ فيهم امرؤٌ جائع، فقد برئت منهم ذِمَّةُ الله - عز وجل -)) (¬4) .
¬_________
(¬1) انظر: المغني 5/37.
(¬2) سقطت من (ص) .
(¬3) صحيح البخاري 4/83 (3046) و7/31 (5174) و7/87 (5373) و7/150
(5649) و9/88 (7173) .
وأخرجه: الطيالسي (489) ، وعبد الرزاق (333) و (6763) ، وأحمد 4/394 و406، وعبد بن حميد (554) ، والدارمي (2465) ، وأبو داود (3105) ، والنسائي في " الكبرى " (7492) و (8666) ، من طرق عن أبي وائل، عن أبي موسى الأشعري، به.
(¬4) أخرجه: أحمد 2/33، والحاكم 2/11-12، وإسناده ضعيف لجهالة أحد رواته، ومتنه لا يخلو من نكارة.

وأخرجه: البزار كما في " كشف الأستار " (1311) ، وأبو يعلى (5746) ، والطبراني في " الأوسط " (8426) ، وأبو نعيم في " الحلية " 6/101.

الصفحة 390