كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)

الإسلام على شيء، فعرفه رجل منهم، فقال له: انْزِل عافاك الله، قال: هذا شرٌّ وشرٌّ، لا تنزلون إلاَّ مَنْ تَعرِفُون.
ورُوي عن أبي الدرداء نحو هذه القضية إلاّ أنَّه قال لهم: ما أنتُم مِنَ الدِّين إلا على مثلِ هذه، وأشار إلى هُدبةٍ في ثوبه.
وهذه النُّصوصُ تدلُّ (¬1) على وجوب الضِّيافة يوماً وليلة، وهو قولُ الليث وأحمد (¬2) ، وقال أحمد: له المطالبةُ بذلك إذا منعه؛ لأنَّه حقٌّ له واجب، وهل يأخذُ بيده من ماله إذا منعه، أو يرفعه إلى الحاكم؟ على روايتين منصوصتين عنه (¬3) .
وقال حُميدُ بن زَنجويه: ليلةُ الضَّيف واجبةٌ، وليس له أنْ يأخذَ قِراه منهم قهراً، إلاَّ أنْ يكونَ مسافراً في مصالح المسلمين العامَّة دونَ مصلحة نفسه.
وقال الليثُ بن سعد: لو نزل الضَّيفُ بالعبد أضافه من المال الذي بيده، وللضيف أنْ يأكلَ، وإنْ لم يعلم أنَّ سيِّده أذِنَ له؛ لأنَّ الضيافة واجبة (¬4) . وهو قياسُ قول أحمد؛ لأنَّه نصَّ على أنَّه يجوز إجابةُ دعوة العبد المأذون له في التجارة وقد روي عن جماعة من الصحابة أنَّهم أجابوا دعوة المملوك، ورُويَ ذلك عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أيضاً (¬5) ، فإذا جاز له أنْ يدعوَ الناس إلى طعامه
¬_________
(¬1) سقطت من (ص) .
(¬2) انظر: التمهيد 21/43، والمغني 11/91، وشرح صحيح مسلم للنووي 6/227.
(¬3) انظر: المغني 11/91، والشرح الكبير 11/119.
(¬4) انظر: التمهيد 21/43.
(¬5) أخرج الترمذي في " جامعه " (1017) من حديث أنس بن مالك أنه قال: ((ثم كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعود المريض ويشهد الجنازة ويركب الحمار ويجيب دعوة العبد ... )) .
وأخرجه: الدارقطني في " العلل " 6/226، وأبو نعيم في " حلية الأولياء " 5/63، والبيهقي 1/370، والخطيب في " تاريخه " 12/32، وفيه مقال.

الصفحة 395