كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)
ابتداءً وجازَ إجابةُ دعوته، فإضافتُه لمن نزل به أولى.
ومنع مالكٌ والشافعيُّ وغيرُهما مِنْ دعوة العبد المأذون له بدون إذن سيِّده (¬1) ، ونقل عليُّ بن سعيدٍ، عن أحمدَ ما يدلُّ على وجوب الضيافة للغُزاة خاصَّةً بمن مرُّوا بهم ثلاثةَ أيَّامٍ (¬2) ، والمشهور عنه الأولُ، وهو وجوبُها لكلِّ ضيفٍ نزلَ بقومٍ.
واختلف قوله: هل تجبُ على أهلِ الأمصار والقُرى أم تختصُّ بأهلِ القُرى ومَنْ كان على طريقٍ يمرُّ بهم المسافرون؟ على روايتين منصوصتين عنه (¬3) .
والمنصوص عنه: أنَّها تجبُ للمسلمِ والكافرِ، وخصَّ كثيرٌ من أصحابه الوجوبَ للمسلم، كما لا تجبُ نفقةُ الأقارب مع اختلاف الدِّين على إحدى الروايتين عنه (¬4) .
وأمَّا اليومان الآخران، وهما الثاني والثالث، فهما تمامُ الضِّيافة، والمنصوصُ عن أحمد أنَّه لا يجبُ إلا الجائزةُ الأولى، وقال: قد فرَّق بين الجائزة والضيافة، والجائزة أوكدُ، ومِنْ أصحابنا مَنْ أوجَبَ الضيافة ثلاثة أيام، منهم: أبو بكر بن عبد العزيز، وابنُ أبي موسى، والآمدي، وما بعدَ الثَّلاث، فهو صدقة، وظنَّ بعضُ النَّاسِ أنَّ الضيافة ثلاثة أيام (¬5) بعد اليوم والليلة الأولى، وردَّه أحمد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الضيافة ثلاثة أيام، فما زاد فهو صدقة)) (¬6) ، ولو كان كما ظنَّ هذا لكان أربعة (¬7) .
قلتُ: ونظيرُ هذا قوله تعالى:
¬_________
(¬1) انظر: التمهيد 21/43.
(¬2) انظر: المغني 10/569-570.
(¬3) انظر: التمهيد 21/43-44، والمغني 11/91، وشرح صحيح مسلم للنووي 6/227.
(¬4) انظر: المغني 11/91.
(¬5) من قوله: ((منهم أبو بكر ... )) إلى هنا سقط من (ص) .
(¬6) سبق تخريجه.
(¬7) انظر: المغني 11/91.