كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)
فهذا الرجلُ طلب مِن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يُوصِيهَ وصيةً وجيزةً جامعةً لِخصال الخيرِ، ليحفظها عنه خشيةَ أنْ لا يحفظها؛ لكثرتها، فوصَّاه النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ لا يغضب، ثم ردَّد هذه المسألة عليه مراراً، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يردِّدُ عليه هذا الجوابَ، فهذا يدلُّ على أنَّ الغضب جِماعُ الشرِّ، وأنَّ التحرُّز منه جماعُ الخير (¬1) .
ولعلَّ هذا الرجلَ الذي سأل النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - هو أبو الدرداء، فقد خرَّج الطبراني (¬2) من حديث أبي الدرداء قال: قلتُ: يا رسولَ الله دلني على عمل يدخلني الجنَّة، قال: ((لا تَغْضَبْ ولكَ الجَنَّةُ)) .
وقد روى الأحنفُ بنُ قيسٍ، عن عمه جارية (¬3) بن قدامة: أنَّ رجلاً قال:
يا رسولَ اللهِ قُلْ لي قولاً، وأقْلِلْ عليَّ لعلي أعقِلُهُ، قال: ((لا تغضبْ)) ، فأعاد عليه مراراً كُلُّ ذلك يقول: ((لا تَغضَبْ)) خرَّجه الإمام أحمد (¬4) ، وفي رواية (¬5)
له
أنَّ جارية بن قُدامة قال: سألت النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فذكره.
فهذا يغلب على الظنِّ أنَّ السائلَ هو جارية بنُ قدامة، ولكن ذكر الإمامُ أحمد (¬6)
¬_________
(¬1) انظر: فتح الباري 10/638.
(¬2) في " الأوسط " (2374) ، وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " 8/70: ((رواه الطبراني في " الكبير " و" الأوسط " وأحد إسنادي الكبير رجاله ثقات)) .
(¬3) تصحف في (ص) : إلى: ((حارثة)) .
(¬4) في " مسنده " 3/484 و5/34.
وأخرجه: ابن أبي عاصم في " الآحاد والمثاني " (1168) ، وابن حبان (5690) ، والطبراني في " الكبير " (2095) و (2097) و (2099) و (2105) وفي " الأوسط "، له (7491) ، والخطيب في " تاريخه " 3/108 عن جارية بن قدامة، عن رجل، به، وانظر ماسيأتي.
(¬5) مسند الإمام أحمد 5/34 و370 و372. =
= ... وأخرجه: ابن سعد في " الطبقات " 7/40، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (1167) ، وابن حبان (5689) ، والطبراني في " الكبير " (2093) و (3094) و (2096)
و (2098) و (2100) و (2101) و (2102) و (2103) و (2104) و (2106) و (2107) ، والحاكم 3/615، والبيهقي في " شعب الإيمان " (8279) و (8280) من حديث جارية بن قدامة، به. وجارية بن قدامة مختلف في صحبته.
(¬6) في " مسنده " 3/484.