كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)

وما أحسنَ قولَ مورق العجلي - رحمه الله -: ما امتلأتُ غيضاً قَطُّ ولا تكلَّمتُ في غضبٍ قطُّ بما أندمُ عليهِ إذا رضيتُ (¬1) . وغضب يوماً عمرُ بن عبد العزيز فقالَ لهُ ابنُه: عبدُ الملكِ - رحمهما الله -: أنتَ يا أميرَ المؤمنين مع ما أعطاك الله وفضَّلك به تغضبُ هذا الغَضبَ؟ فقال له: أو ما تغضبُ يا عبدَ الملك؟ فقال عبد الملك: وما يُغني عني سعةُ جوفي إذا لم أُرَدِّدْ فيه

الغضبَ حتى لا يظهر (¬2) ؟ فهؤلاء قوم ملكوا أنفسهم عند الغضب - رضي الله عنهم -.
وخرَّج الإمامُ أحمد (¬3) ، وأبو داود (¬4) من حديث عُروة بنِ محمد السَّعدي: أنَّه كلَّمه رجل فأغضبه، فقام فتوضأ، ثم قال: حدثني أبي عن جدِّي عطيةَ، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الغَضَبَ مِنَ الشَّيْطانِ، وإنَّ الشيطانَ خُلِقَ من النَّارِ، وإنَّما تُطفَأُ النار بالماءِ، فإذا غَضِبَ أحَدُكُم فَليَتوضَّأ)) .
وروى أبو نعيم (¬5) بإسناده عن أبي مسلم الخولاني: أنَّه كلَّم معاوية بشيءٍ وهو على المنبر، فغضب، ثم نزل فاغتسل، ثم عاد إلى المنبر، وقال: سمعتُ
رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنَّ الغضبَ مِن الشيطان، والشيطانَ من النار، والماءُ يُطفئُ النار، فإذا غَضِبَ أحدكم فليغتسل)) .
وفي " الصحيحين " (¬6) عن أبي هُريرة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لَيْسَ الشَّديدُ بالصُّرَعَةِ، إنَّما الشَّديدُ الَّذي يَملِكُ نَفْسَهُ عندَ الغَضَبِ)) .
¬_________
(¬1) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " 2/235.
(¬2) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " 5/358.
(¬3) في " مسنده " 4/226.
وأخرجه: ابن قانع في " معجم الصحابة " 2/307، والطبراني في " الكبير " 17/ (443) ، والبغوي (3583) ، وابن عساكر في " تاريخ دمشق " 42/234 و43/81 و57/172، وإسناده ضعيف.
(¬4) السنن (4784) ، وينظر التخريج المتقدم ذكره.
(¬5) في " الحلية " 2/130، وإسناده ضعيف.
(¬6) صحيح البخاري 8/34 (6114) ، وصحيح مسلم 8/30 (2609) (107) و (108) .
وأخرجه: مالك في " الموطأ " (2637) برواية الليثي، وأحمد 2/268 و517، والنسائي في " الكبرى " (10226) و (10227) و (10228) ، والبيهقي 10/235 و241.

الصفحة 407