كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)
وخرَّج الطبراني (¬1)
من حديث أنس، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا حكمتُمْ فاعْدِلُوا،
وإذا قَتَلتُم فأَحْسِنُوا، فإنَّ الله مُحْسِنٌ يُحِبُّ المحسنين)) .
فقولُه - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الله كتب الإحسّانَ على كُلِّ شيء)) ، وفي رواية لأبي إسحاق الفزاري في كتاب " السير " عن خالدٍ، عن أبي قِلابة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الله كتبَ الإحسّانَ على كلِّ شيءٍ)) ، أو قال: ((على كلِّ خلقٍ)) هكذا خرَّجها مرسلةً، وبالشكِّ في: ((كُلِّ شيءٍ)) ، أو: ((كلِّ خلق)) ، وظاهرُهُ يقتضي أنَّه كتب على كلِّ مخلوق الإحسّان، فيكون كُلُّ شيءٍ، أو كُلُّ مخلوق هو المكتوبَ عليه، والمكتوب هو الإحسّانُ (¬2) .
وقيل: إنَّ المعنى: أنَّ الله كتب الإحسّانَ إلى كلِّ شيء، أو في كلِّ شيء، أو كتب الإحسّانَ في الولاية على كُلِّ شيءٍ، فيكون المكتوبُ عليه غيرَ مذكور، وإنَّما المذكورُ المحسن إليه (¬3) .
ولفظ: ((الكتابة)) يقتضي الوجوب عندَ أكثرِ الفقهاء والأصوليين خلافاً
لبعضهم، وإنَّما يعرف (¬4) استعمالُ لفظة الكتابة في القرآن فيما هو واجب حتمٌ إمَّا شرعاً، كقوله تعالى: {إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَوْقُوتاً} (¬5) ، وقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (¬6) ، {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} (¬7) ، أو فيما هو واقع
قدراً لا محالة، كقوله: {كَتَبَ اللهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} (¬8) ، وقوله: {وَلَقَدْ
كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} (¬9) ، وقوله
: {أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَان} (¬10) . وقال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في قيام شهر رمضانَ
: ((إنِّي خشيتُ أنْ يُكْتَبَ عَلَيكُمْ)) (¬11) ،
¬_________
(¬1) في " الأوسط " (5735) .
وأخرجه: ابن أبي عاصم في "الديات": 94، وإسناده ضعيف من أجل عمران بن داور القطان.
(¬2) من قوله: ((فيكون كل شيء ... )) إلى هنا سقط من (ص) .
(¬3) انظر: شرح النووي لصحيح مسلم 7/94-95.
(¬4) ((يعرف)) سقطت من (ج) .
(¬5) النساء: 103.
(¬6) البقرة: 183.
(¬7) البقرة: 216.
(¬8) المجادلة: 21.
(¬9) الأنبياء: 105.
(¬10) المجادلة: 22.
(¬11) أخرجه: البخاري 1/186 (729) من حديث عائشة، به.
وأخرجه: أحمد 5/182 و184 و187، والبخاري 9/117 (7290) ، ومسلم 2/188
(781) (213) ، والنسائي 3/197-198، والطبراني في " الكبير " (4892) ، والبيهقي 3/109 من حديث زيد بن ثابت، به.