كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)

وهذا النوعُ هو الذي ذكره النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث، ولعله ذكره على سبيلِ المثال، أو لحاجته إلى بيانه في تلك الحال فقال: ((إذا قتلتُم فأحسِنوا القِتلة، وإذا ذبحتم فأحسِنوا الذِّبحة)) والقِتلة والذِّبحة بالكسر، أي: الهيئة، والمعنى: أحسنوا هيئة الذبح، وهيئة القتل. وهذا يدلُّ على وجوب الإسراع في إزهاق النفوس التي يُباحُ إزهاقُها على أسهلِ الوجوه (¬1) . وقد حكى ابنُ حَزمٍ الإجماع على وجوب الإحسان في الذبيحة (¬2) ، وأسهلُ وجوه (¬3) قتل الآدمي ضربه بالسيف على العنق، قال الله تعالى في حقِّ الكفار: {فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ} (¬4) ، وقال تعالى: {سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ} (¬5) . وقد قيل: إنَّه عيَّن الموضع الذي يكونُ الضربُ فيه أسهلَ على المقتول وهو فوقَ العظام دونَ الدماغ، ووصى دريدُ بنُ الصِّمة قاتله أنْ يَقْتُلَهُ كذلك.
وكان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إذا بعث سريةً تغزوا في سبيل الله قال لهم: ((لا تُمَثِّلُوا ولا تقتلوا
وليداً)) (¬6) .
¬_________
(¬1) انظر: عون المعبود 8/10.
(¬2) انظر: المحلى 12/31-32.
(¬3) سقطت من (ص) .
(¬4) محمد: 4.
(¬5) الأنفال: 12.
(¬6) أخرجه: مسلم 5/139-140 (1731) (3) من حديث بريدة، به.

الصفحة 429