كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)

هذا يدلُّ على جواز التمثيل بمن تغلَّظَتْ جرائمُهُ في
الجملة، وإنَّما نهي عن التمثيل في القصاص، وهو قول ابنِ عقيل من
أصحابنا.
ومنهم من قال: بل نسخ ما فعل بالعرنيين بالنهي عن المُثلةِ (¬1) .
ومنهم من قال: كان قبلَ نزولِ الحدود وآيةِ المحاربة (¬2) ، ثم نُسخ بذلك (¬3) ، وهذا قولُ جماعة منهم: الأوزاعي وأبو عُبيد.
ومنهم من قال: بل ما فعله النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بهم إنَّما كان بآية المحاربة، ولم ينسخ شيء من ذلك، وقالوا: إنَّما قتلهم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وقَطَعَ أيديهم؛ لأنَّهم أخذوا المالَ، ومن أخذ المالَ وقَتَلَ (¬4) ، قُطِعَ وقُتِلَ، وصُلِبَ حتماً، فيُقتَلُ لقتله (¬5) ويُقطع لأخذه المال يَدُه ورجلُه من خِلاف، ويُصلَبُ لجمعه (¬6) بين الجنايتين وهما: القتلُ وأخذُ المال، وهذا قول الحسن، ورواية عن أحمد (¬7) .
وإنَّما سَمَلَ أعينهم؛ لأنَّهم سملوا أعينَ الرعاة كذا خرَّجه مسلم من حديثِ أنس (¬8) ،
وذكر ابنُ شهابٍ أنَّهم قتلوا الراعي (¬9) ، ومَثَّلوا به (¬10) ، وذكر ابن سعد أنَّهم قطعوا يدَه ورجله، وغرسوا الشوكَ في لسانه وعينيه حتّى مات (¬11) ، وحينئذ فقد يكونُ قطعُهم، وسملُ أعينهم، وتعطيشُهم قصاصاً (¬12) ، وهذا يتخرَّجُ على قول مَنْ يقولُ: إنَّ المحاربَ إذا جنى جنايةً توجبُ القصاصَ استُوفِيت منه قبل قتله، وهو مذهب أحمد. لكن هل يستوفى (¬13) منه تحتماً كقتله أم على وجه القصاص، فيسقط بعفو الولي؟
على روايتين عنه (¬14) ، ولكن رواية الترمذي أنَّ قطعَهُم من خلاف يدلُّ على أنَّ
قطعهم للمحاربة إلا أنْ يكونوا قد قطعوا يدَ الراعي ورجلَه من خلاف، والله
أعلم (¬15) .
¬_________
(¬1) انظر: المحلى 12/29-30.
(¬2) ذكره: أحمد 3/290، وأبو داود (4371) ، والترمذي (73) ، وانظر: معالم السنن 3/258، والمحلى 12/30-31.
(¬3) انظر: المحلى 12/31 و13/154.
(¬4) سقطت من (ص) .
(¬5) سقطت من (ص) .
(¬6) سقطت من (ص) .
(¬7) انظر: المغني 10/299-300، والشرح الكبير 10/300.
(¬8) في " صحيحه " 5/103 (1671) (14) .

وأخرجه: الترمذي (73) ، والبيهقي 9/70، وانظر: المحلى 12/29 و13/155، وتحفة الأحوذي 1/246.
(¬9) انظر: المحلى 13/155.
(¬10) ذكره: البيهقي 9/70.
(¬11) في " الطبقات " 2/71.
(¬12) انظر: معالم السنن 3/258، وتحفة الأحوذي 8/246-247.
(¬13) عبارة: ((لكن هل يستوفى)) سقطت من (ص) .
(¬14) انظر: الشرح الكبير على المغني 10/303.
(¬15) من قوله: ((يدل على أن قطعهم ... )) إلى هنا سقط من (ص) .

الصفحة 445