كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)
وقد رُوي عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه كان أَذِنَ في التحريق بالنار (¬1) ، ثم نهى عنه كما في
" صحيح البخاري " (¬2) عن أبي هريرة قال: بعثنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في بعث (¬3)
فقال: ((إنْ وَجَدتُم فلاناً وفلاناً - لرجلين من قريشٍ - فاحرقوهما بالنار)) ،
ثمَّ قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حين أردنا الخروجَ: ((إني كنتُ أمرتُكم أنْ تحرِقوا فُلاناً
وفُلاناً بالنار، وإنَّ النارَ لا يُعذِّبُ بها إلا الله، فإنْ وجدتموهما فاقتلوهما)) .
وفيه أيضاً عن ابن عبَّاسٍ: أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا تُعذِّبُوا بعذاب الله - عز وجل -)) (¬4) .
وخرَّج الإمام أحمد، وأبو داود، والنَّسائي من حديث ابن مسعودٍ قال: كُنَّا مع النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فمَرَرنا بقريةِ نملٍ قد أُحرقَت، فغَضِب النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وقال: ((إنَّه لا ينبغي لِبشرٍ أنْ يعذِّبَ بعذاب الله - عز وجل -)) (¬5) .
وقد حرَّقَ خالدٌ جماعة في الرِّدة (¬6) ، وروي عن طائفة من الصحابة تحريقُ من عَمِل عمل قومِ لوطٍ (¬7) ، ورُوي عن عليٍّ أنَّه أشار على أبي بكر أنْ يقتلَه ثم يحرقه
بالنار (¬8) ، واستحسن ذلك إسحاق بن راهويه (¬9) لئلا يكون تعذيباً بالنار (¬10) .
وفي " مسند الإمام أحمد " (¬11) : أنَّ علياً لما ضربه ابنُ مُلجم، قال: افعلوا به كما أرادَ رسولُ
¬_________
(¬1) سقطت من (ص) .
(¬2) الصحيح 4/60 (2954) و4/74 (3016) .
وأخرجه: أحمد 2/307 و338 و453، وأبو داود (2674) ، والترمذي (1571) وفي
" العلل "، له (278) ، والنسائي في "الكبرى " (8613) و (8804) و (8832) ، وابن الجارود (1057) ، والبيهقي 9/71.
(¬3) عبارة: ((في بعث)) سقطت من (ص) .
(¬4) سبق تخريجه.
(¬5) أخرجه: أحمد 1/423، وأبو داود (2675) و (5268) ، والنسائي في " الكبرى "
(8614) ، وهو حديث صحيح.
(¬6) انظر: المغني 10/6، والشرح الكبير 10/80، والواضح في شرح مختصر الخرقي 4/384.
(¬7) انظر: المغني 10/156، والشرح الكبير 10/170.
(¬8) انظر: المغني 10/156، والشرح الكبير 10/170-171.
(¬9) انظر: الجواب الكافي لمن سئل عن الدواء الشافي: 210.
(¬10) من قوله: ((واستحسن ذلك إسحاق ... )) إلى هنا سقط من (ص) .
(¬11) المسند 1/92-93، وإسناده ضعيف لضعف شريك بن عبد الله النخعي.