كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 1)
وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة.
فلهذا أمر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بإحسانِ القتلِ والذبح، وأمر أنْ تُحَدَّ الشفرةُ، وأنْ تُراح الذبيحة، يشير إلى أنَّ الذبح بالآلة الحادة يُرِيحُ الذبيحة بتعجيل زهوق نفسها (¬1) .
وخرَّج الإمام أحمد، وابنُ ماجه من حديث ابنِ عمر، قال: أمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بحَدِّ الشفارِ، وأنْ تُوارى عن البهائم، وقال: ((إذا ذَبَحَ أَحَدُكُم، فليُجْهِزْ)) (¬2) يعني:
فليسرع الذبح (¬3) .
وقد ورد الأمر بالرفق بالذبيحة عندَ ذبحها، وخرَّج ابنُ ماجه (¬4) من حديث أبي سعيد الخدري قال: مرَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - برجل وهو يجرُّ شاة بأُذنها، فقال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: ((دع أُذنَها وخُذْ بِسالِفَتِها)) والسالفة: مقدَّمُ العنق (¬5) .
وخرَّج الخلالُ والطبرانيُّ من حديث عكرمة، عن ابن عباس قال: مرَّ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - برجلٍ واضع رجلَه على صفحة شاةٍ وهو يحدُّ شفرته وهي تلحظ إليه ببصرها، فقال: ((أفلا قبْلَ هذا؟ تريدُ أنْ تُميتها موتتان (¬6) ؟)) (¬7) . وقد روي عن عكرمة مرسلاً خرَّجه عبدُ الرزاق (¬8) وغيره، وفيه زيادة: ((هلاَّ حددت شفرتك قبل أنْ تُضْجِعها)) .
وقال الإمام أحمد: تُقاد إلى الذبح قوداً رفيقاً، وتُوارى السكينُ عنها، ولا تُظهر السكين إلا عندَ الذبح، أمر رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك: أنْ تُوارى الشفار (¬9) .
¬_________
(¬1) انظر: شرح النووي لصحيح مسلم 7/95.
(¬2) أخرجه: أحمد 2/108، وابن ماجه (3172) ، والطبراني في " الكبير " (13144) ، والبيهقي 9/280، وإسناده ضعيف لضعف ابن لهيعة.
(¬3) انظر: لسان العرب 2/400.
(¬4) السنن (3171) ، وإسناده ضعيف جداً؛ فإنَّ موسى بن محمد بن إبراهيم منكر الحديث.
(¬5) انظر: النهاية في غريب الحديث 2/390.
(¬6) في (ج) : ((موتات)) ، والمثبت من (ص) ، و" المعجم الكبير " للطبراني.
(¬7) أخرجه: الطبراني في " الكبير " (11916) وفي " الأوسط "، له (3590) ، وذكر الطبراني في " الأوسط " أنَّ عبد الرحيم بن سليمان تفرد بوصله.
وأخرجه: الحاكم 4/233 من حديث عبد الله بن عباس، به، وصححه. انظر: مجمع الزوائد 4/33.
(¬8) المصنف (8608) .
(¬9) انظر: المغني 11/47، والشرح الكبير 11/61-62.