كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)

سمعتُ منك حديثاً كثيراً فأخافُ أنْ ينسيني أوَّلَه آخرُه، فحدثني بكلمة تكون جماعاً، قال: ((اتَّق الله فيما تَعْلَمُ)) .
ولم يزل السَّلفُ الصالح يتَواصَوْنَ بها، وكان أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - يقول في خطبته: أما بعد، فإني أُوصيكم بتقوى الله، وأنْ تُثنوا عليه بما هو أهلُه، وأنْ تَخلِطُوا الرغبةَ بالرهبة، وتجمعوا الإلحافَ بالمسألة، فإنَّ الله - عز وجل - أثنى على زكريا وأهل بيته، فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (¬1) (¬2) .
ولمَّا حضرته الوفاةُ، وعهد إلى عمر، دعاه، فوصَّاهُ بوصيةٍ، وأوَّلُ ما قالَ له: اتَّقِ الله يا عمر (¬3) .
وكتب عُمَرُ إلى ابنه عبد الله: أما بعدُ، فإني أُوصيك بتقوى الله - عز وجل -، فإنَّه من اتقاه وقاه، ومَنْ أقرضه جزاه، ومَنْ شكره زاده، فاجعل التقوى نصبَ عينيك وجلاء قلبك.
واستعمل عليُّ بن أبي طالب رجلاً على سَريَّة، فقال له: أُوصيك بتقوى الله الذي لابُدَّ لك من لقائه، ولا منتهى لك دونَه، وهو يَملِكُ الدنيا والآخرة (¬4) .
وكتب عُمَرُ بنُ عبد العزيز إلى رجلٍ: أُوصيك بتقوى الله - عز وجل - التي لا يقبلُ
غَيرَها، ولا يَرْحَمُ إلاَّ أهلَها، ولا يُثيبُ إلا عليها، فإنَّ الواعظين بها كثير، والعاملين بها قليل، جعلنا الله وإيَّاك من المتقين (¬5) .
ولما وُلِّي خطب، فحَمِد الله، وأثنى عليه، وقال: أُوصيكُم بتقوى الله - عز وجل -،
¬_________
(¬1) الأنبياء: 90.
(¬2) أخرجه: ابن أبي شيبة (34431) ، والحاكم 2/383، وأبو نعيم في " الحلية " 1/35.
(¬3) أخرجه: ابن أبي شيبة 8/145، وأبو نعيم في " الحلية " 1/36.
(¬4) أخرجه: ابن أبي شيبة (34499) .
(¬5) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " 5/267.

الصفحة 475