كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)

فإنَّ تقوى الله - عز وجل - خَلفٌ من كلِّ شيءٍ، وليس من تقوى الله خَلَفٌ (¬1) .
وقال رجل ليونس بن عُبيد: أوصني، فقال: أُوصيك بتقوى الله والإحسّان، فإنَّ الله مَعَ الذين اتَّقَوا والَّذينَ هُمْ مُحسِنُون.
وقال له رجل يُريدُ الحجَّ: أوصني، فقال له: اتَّقِ الله، فمن اتقى الله، فلا وحشة عليه.
وقيل لرجل (¬2) من التابعين عندَ موته: أوصنا، فقال: أوصيكم بخاتمة سورةِ النحل: {إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (¬3) .
وكتب رجلٌ من السَّلف إلى أخٍ له: أوصيكَ بتقوى الله، فإنّها أكرم ما أسررتَ، وأزينُ ما أظهرتَ، وأفضلُ ما ادَّخرتَ، أعاننا الله وإيَّاكَ عليها، وأوجب لنا ولك ثوابَها.
وكتب رجلٌ منهم إلى أخٍ له: أُوصيكَ وأنفسَنا بالتقوى، فإنَّها خيرُ زادِ الآخِرَةِ والأُولى، واجعلها إلى كلِّ خيرٍ سبيلَك، ومِن كلِّ شرٍّ مهرَبك، فقد توكل الله - عز وجل - لأهلها بالنجاة مما يحذرون، والرزق من حيث لا يحتسبون.
وقال شعبة: كنتُ إذا أردتُ الخروجَ، قلتُ للحكم: ألك حاجةٌ، فقال أوصيك بما أوصى به النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - معاذَ بنَ جبل: ((اتَّقِ الله حيثُما كُنتَ، وأتْبِعِ السَّيِّئة الحَسَنة تَمحُها، وخَالِقِ النَّاسَ بخُلُقٍ حَسَنٍ)) (¬4) . وقد ثبت عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: أنَّه كان يقولُ في دعائه: ((اللَّهُمَّ إني أسألُك الهُدى
¬_________
(¬1) أخرجه: أبو نعيم في " الحلية " 5/297.
(¬2) الرجل هو: هرم بن حيان، وكلامه أخرجه: ابن سعد في " الطبقات " 7/95، وأبو نعيم في " الحلية " 2/121.
(¬3) النحل: 128.
(¬4) سبق تخريجه.

الصفحة 476