كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)

رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (¬1) ، وبقوله: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} (¬2) ، وقوله: {وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (¬3) ، وقوله: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} (¬4) .
والظاهر أنَّ هذا في حقِّ التائبِ؛ لأنَّ الاعترافَ يقتضي الندم، وفي حديث عائشة، عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنَّ العبد إذا اعترف بذنبه، ثم تابَ تاب الله
عليه)) (¬5) ، والصحيح قولُ الأكثرين.
وهذه الآيات لا تدلُّ على عدم القطع، فإنَّ الكريمَ إذا أطمع، لم يقطع
من رجائه المطمع، ومِنْ هنا قال ابنُ عباس: إنَّ ((عسى)) من الله واجبة (¬6) ،
نقله عنه عليُّ بن أبي طلحة. وقد ورد جزاءُ الإيمان والعمل الصالح بلفظ
: ((عسى)) أيضاً، ولم يدلَّ ذلك على أنَّه غيرُ مقطوع به، كما في قوله
: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ
وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ
الْمُهْتَدِينَ} (¬7) .
وأما قوله: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (¬8) ، فإنَّ التائب ممن شاء أنْ يغفرَ
¬_________
(¬1) التحريم: 8.
(¬2) القصص: 67.
(¬3) النور: 31.
(¬4) التوبة: 102، وهذه الآية لم ترد في (ص) .
(¬5) أخرجه: عبد الرزاق (9748) ، وأحمد 6/196، والبخاري 3/227 (2661) و5/152 (4141) ، و6/127 (4750) ، ومسلم 8/112-116 (2770) (56) ، وابن حبان (4212) ، والبيهقي في " شعب الإيمان " (7028) من طرق عن عائشة، به.
(¬6) انظر: تفسير ابن أبي حاتم 6/1766. وتفسير القرطبي 8/91.
(¬7) التوبة: 18.
(¬8) النساء: 48.

الصفحة 490