كتاب جامع العلوم والحكم ت ماهر الفحل (اسم الجزء: 2)
كفَّر الله بها خطاياه)) (¬1) . ورُوي عن
عليٍّ أنَّ الحدَّ كفَّارةٌ لمن أقيم عليه (¬2) ، وذكر ابنُ جرير الطبري في هذه المسألة اختلافاً بين الناس، ورجَّحَ أنَّ إقامة الحدِّ بمجرَّده كفارة، ووهَّن القول بخلاف ذلك جداً (¬3) .
قلت: وقد رُوي عن سعيد بن المسيب وصفوانَ بنِ سليم أنَّ إقامة الحدِّ ليس بكفَّارة، ولابدَّ معه من التَّوبة، ورجَّحه طائفة من المتأخِّرين، منهم: البغويُّ (¬4) ، وأبو عبد الله بن تيمية في " تفسيريهما "، وهو قولُ ابنِ حزم الظاهري (¬5) ، والأوّل قولُ مجاهد وزيد بن أسلم والثوري وأحمد.
وأما حديث أبي هريرة المرفوع: ((لا أدري: الحدودُ طهارةٌ لأهلها أم لا؟)) فقد خرَّجه الحاكم وغيره (¬6) ، وأعلَّه البخاري، وقال: لا يثبت، وإنَّما هوَ من مراسيل الزهريِّ، وهي ضعيفةٌ، وغلط عبد الرزاق فوصله، قالَ: وقد صحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّ الحدود كفارة (¬7) .
¬_________
(¬1) أخرجه: أحمد 2/335، والبخاري 7/148 (5642) ، وفي " الأدب المفرد "، له
(492) ، وابن حبان (2905) ، والبيهقي 3/373، والبغوي (1421) من طرق عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما، به.
(¬2) أخرجه: البيهقي في " السنن الكبرى " 8/329، عن علي، موقوفاً.
وأخرجه مرفوعاً: أحمد 1/99 و159، والترمذي (2626) ، وابن ماجه (2604) ، والحاكم 1/7 و2/445 و4/262، والدارقطني 3/215، والقضاعي في " مسند الشهاب " (503) ، والبيهقي 8/328، والبغوي (4182) من طرق عن أبي جحيفة، عن علي، به مرفوعاً، وقال الترمذي: ((حسن غريب)) وذكر الدارقطني في " علله " 3/128-129
س (316) ثم قال: ((رفعه صحيح)) .
(¬3) ذكره: الطبري في " تفسيره " عقب (9296) .
(¬4) انظر: تفسير البغوي 2/50.
(¬5) انظر: المحلى 13/9.
(¬6) أخرجه: الحاكم 1/36 و2/14 و450، والبيهقي 8/329 من حديث أبي هريرة، به.
(¬7) انظر: التاريخ الكبير 1/154 (455) ، وتفصيل ذلك في كتابي " الجامع في العلل ".